أمام مرأى العالم، لاسيما العالم العربي والإسلامي، تتمادى إسرائيل في همجيتها وتطرفها، حيث أقدمت هذه المرة على طرد عائلات فلسطينية من منازلها بالقدسالشرقية لتفسح المجال للمستوطنين اليهود للانتقال إلى بيوت العائلات الفلسطينية على الفور بعد إجلائهم عنها، والشروع في الإصلاحات عليها بغية السكن فيها، في حين يطرد الفلسطينيون من بيوتهم شر طردة نحو مستقبل مجهول. ترحيل الفلسطينيين بالقوة .. لم يعد سرا مشاريع الكيان الصهيوني في توسعاته في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لا تتوقف، فمخطط تهجير الفلسطينيين وترحيلهم من بيوتهم وهو ما يعرف ب "الترانسفير"والذي تنتهجه سلطات الاحتلال هذه الأيام، هو جزء أساسي من المساعي الصهيونية لإقامة "دولة يهودية" في فلسطينالمحتلة، حيث تتم مصادرة الأراضي، واحتلال المنازل وتدميرها وإسكان المستوطنين فيها. إذ قامت الشرطة الصهيونية ووحدات القوات الخاصة في وقت سابق، بإغلاق حي سكني في مدينة حيفا، وذلك لإخلاء عدد من العائلات العربية في المنطقة، بذريعة أن سكان الحي مدينون بأجرة منازلهم التي يسكنونها منذ أكثر من 40 عاما. وفي ظل السكوت الذي يخيم على العالم العربي والإسلامي، تنامي العنصرية الصهيونية المؤسساتية والشعبية، التي بدأت معالمها تطفو على السطح، من خلال اقتلاع أصحاب الأرض الأصليين بالقوة وتحويل الكيان الصهيوني إلى "دولة يهودية" خالية من العرب. وبمعنى آخر أن الترحيل بالقوة أو ما يعرف ب (الترانسفير)، انتقل من المخططات المبيتة والسرية إلى مرحلة التطبيق والتخلص مما يسميها رئيس وزراء الكيان الصهيوني، بنيامين نتنياهو، القنبلة الديمغرافية الموقوتة، أي العرب في أراضي 48. فالهجمة الإسرائيلية الحالية لتغيير أسماء القرى والمدن والبلدات العربية وإطلاق أسماء عبرية عليها، وإصرار حكومة نتنياهو على أن أي دولة فلسطينية تقام على 'ارض إسرائيل ' يجب أن تكون منزوعة السلاح ودون أية سيادة على الأرض أو الجو، وبقاء القدس موحدة، والاستمرار في الاستيطان، كل هذه مؤشرات تصب في مصلحة مخططات الإبعاد للعرب بهدف تهويد المنطقة. ويبدو أن مسلسل" الترانسفير" يستمر بشكل واسع، وما حصل مؤخرا خير دليل على ذلك عندما تم طرد العائلات الفلسطينية من منازلها مؤخرا بالقدس وهو الأمر الذي سيطال جميع الفلسطينيين المتبقين في الأراضي المحتلة عام 1948 . تهويد القدس .. و غياب موقف عربي إسلامي موحد وإلى جانب طرد الفلسطينيين قهرا من بيوتهم، تشهد مدينة القدس في هذه الفترة أخطر مرحلة من مراحل التهويد منذ عام 1967 في ظل وجود الانقسام الفلسطيني المخزي بين طرفي المعادلة الفلسطينية فتح وحماس، والموقف العربي والإسلامي المتشرذم والمستسلم، وغياب الموقف الموحد للتصدي للهجمة الشرسة ضد القدس وتهويدها، وللوقوف في وجه العدو الصهيوني، ووقف اعتداءاته على المدينة المقدسة. إذ اقتحم المستوطنون ومازالوا يقتحمون باحات المسجد الأقصى مرات عديدة، تحت ذريعة هيكل سليمان المزعوم، بينما لم تحرك لجنة القدس ولا الأنظمة العربية والإسلامية ساكنا والقدس تضيع يوميا وهم يقفون متفرجين على الوضع ، ولم يستخلصوا العبر في وضع آليات عمل حقيقية لمواجهة ماتقوم به إسرائيل من تهويد للمدينة على سمعهم وبصرهم. تهويد مدينة القدس يجري علي قدم وساق سواء من حفر الأنفاق، و شق الطرق، وطرد للسكان،وهدم للمنازل، وإغلاق المؤسسات الفلسطينية، ومحاصرة المدينة بالبؤر الاستيطانية، ومصادرة أملاك الغائبين، ودفع المواطنين لمغادرتها، ومحاولة تدمير الآثار التاريخية داخل المدينة والمسجد الأ قصي. أمريكا تلمع صورتها أمام العالم في ردة فعل باردة إزاء ما يحدث من طرد للفلسطينيين من منازلهم بالقدس قصد تلميع صورتها أمام أنظار العالم، اعتبرت واشنطن أن التصرف الإسرائيلي لا يتسق مع مشروع خريطة الطريق وهو المشروع الذي يخدم مصلحة إسرائيل بدليل إقراره من طرف أمريكا و الدول الأوربية إلى جانب الدول العربية التي تنتمي إلى محور الاعتدال تحت ذريعة حل النزاع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين. حيث أن طرد إسرائيل للفلسطينيين من بيوتهم، قوبل بردة فعل دولية باردة، وذلك من خلال تنديد الولاياتالمتحدة الحليف الأول لإسرائيل بعد طرد الفلسطينيين دون أن تقوم بشيء ملموس، بينما تقوم آلياتها الحربية المتطورة بقتل المدنيين في أفغانستان " بالخطأ" والترصد في كل بقعة من العالم لمنع وصول الأسلحة إلى المقاومة الإسلامية في غزة، أما الحكومة البريطانية فاعتبرت أن ما فعلته إسرائيل يتناقض مع رغبتها المعلنة في تحقيق السلام. بينما تتواجد قواتها إلى جانب قوات أمريكا التي تقود الحلف، لقتل المدنيين في العالم الإسلامي بحجة محاربة الإرهاب . أما الأنظمة العربية فهي كعادتها تتفرج على مأساة الفلسطينيين بدم بارد، بل شاركت البعض منها و المصنفة في محور الاعتدال في هذه الهمجية الإسرائيلية، حفاظا على مصالحها في المنطقة.