أكد وزير الشؤون الخارجية السيد مراد مدلسي في كلمة ألقاها في افتتاح أشغال الاجتماع رفيع المستوى للدورة ال13 لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بجنيف السويسرية أن الجزائر التزمت بتعهداتها في مجال ترقية حقوق الإنسان واتخذت عدة خطوات في هذا الشأن، ووجه بالمناسبة دعوة لهيئات حقوقية دولية لزيارة الجزائر خلال العام الجاري للاطلاع على التطور الحاصل في هذا المجال. وفصّل السيد مدلسي أمس في كلمته الخطوات التي اتخذتها الجزائر في سياق ترقية حقوق الإنسان من جميع النواحي، ومعالجة العديد من القضايا التي كانت محل تباحث بينها وبين مجلس حقوق الإنسان منها حكم الإعدام، والمفقودين وتحقيق أهداف الألفية في مجال التنمية. وأوضح السيد مدلسي أن الجزائر التي كانت ضمن أولى الدول التي تم إخضاعها للتقييم المرحلي في مجال حقوق الإنسان في شهر أفريل 2008 وجدت في التوصيات التي صادقت عليها في اجتماعات مجلس حقوق الإنسان مجالا لاتخاذ خطوات في مجال ترقية حقوق الإنسان. ومن هذا المنظور عدد الوزير جميع الإجراءات التي اتخذتها الجزائر وفق أجندة التزمت بتنفيذها، ومن أبرز تلك القضايا إقرار مادة جديدة في الدستور المعدل في نوفمبر 2009 وهي المادة 31 مكرر، التي تنص على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بما يفتح لها المجال أمام اقتحام المجالس المنتخبة. وأشار أيضا إلى المرسوم الرئاسي الصادر في جانفي 2009 والذي يرفع تحفظات الجزائر على المادة 9 الفقرة الثانية من الاتفاقية الدولية حول إنهاء كل أشكال التمييز العنصري ضد المرأة. أما بخصوص الطلب المقدم للجزائر بغرض إيقاف تنفيذ حكم الإعدام، فأوضح السيد مدلسي أن الجزائر التي دعمت الاتفاقية الأممية التاريخية 149 / 62 سجلت بارتياح المبادرة الإسبانية في مجال إلغاء حكم الإعدام. وأضاف أن الجزائر انضمت إلى كل المواثيق الإفريقية والدولية لحماية الطفل، كما تم الشروع في تنفيذ برنامج يمتد من 2008 - 2015 موجه للأطفال. وقدم السيد مدلسي في سياق حديثه عن الخطوات التي قطعتها الجزائر في مجال تحقيق أهداف الألفية أرقاما تعكس التطور الاجتماعي والصحي الذي عرفته الجزائر في السنوات الأخيرة، ورغم اعترافه بالتأثيرات السلبية للأزمة العالمية على الاقتصاد الجزائري كما هو الحال بالنسبة لكل دول العالم، الا أن الجزائر حافظت على نسبة نمو سنوية مقبولة الشيء الذي مكن من تقليص البطالة الى10.9 بالمئة رغم ارتفاع نسبتها بين فئة الشباب، وبلغت نسبة التمدرس97 بالمئة، وتقلصت وفيات الأطفال الى اقل من 26 حالة في كل ألف ولادة، اما وفيات الأمهات عند الولادة فقد تقلص إلى 88.5 حالة في كل 100 ألف ولادة. وارتفع معدل الحياة لدى الجزائريين إلى 76.5 سنة. وبلغت نسبة الربط بشبكة المياه 93 بالمئة، والربط بشبكة الصرف الصحي85 بالمئة. ومن بين الملفات التي تطرق إليها وزير الخارجية في كلمته والتي كانت محل استفسار من طرف مجلس حقوق الإنسان الشق المتعلق بالتكفل بالمحبوسين، وفي هذا السياق أشار إلى أن 50 بالمئة من المحبوسين يستفيدون من تكوين. أما بالنسبة لملف المفقودين الذي كان نتاج العشرية السوداء فقال السيد مدلسي أن معالجة الملف تمت وفق المسار الذي تم رسمه في ميثاق السلم والمصالحة الوطنية. وحول طلب مجلس حقوق الإنسان بالسماح لممثلين عن جمعيات حقوق الإنسان الدولية بزيارة الجزائر للاطلاع على حقيقة التطور الحاصل في هذا المجال، اعلن وزير الخارجية عن توجيه الدعوة لسبعة مقررين خاصين لزيارة الجزائر خلال العام الجاري، وهي الخطوة التي يتم توسيعها في المستقبل لتشمل آليات حقوق إنسان أخرى. وأوضح السيد مدلسي أن هذه الدعوة موجهة بالأساس الى المقررين الناشطين في مجال ترقية وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير والتصدي للعنف ضد المرأة وأسبابه ومخلفاته والحق في التمدرس والحصول على رعاية صحية والتغذية والحق في السكن والحصول على الماء الشروب. وأكد أن الجزائر ستتعامل مع تلك البعثات بكل انفتاح من أجل نجاح مهمتها. وفيما يتعلق بدور الجزائر داخل مجلس حقوق الإنسان تعهد السيد مدلسي بمواصلة الجزائر لجهودها بالمساهمة في إطار المجلس من أجل تحقيق الأهداف المسطرة من طرف أعضائه، وكذا المحافظة على نفس الديناميكية التي بدأت منه تنصيبه في 2006. وتحدث كذلك عن رغبة الجزائر في الأخذ بعين الاعتبار موضوع مراجعة مناهج العمل التي شرع فيها منذ مدة، وأشار إلى أن الاجتماع غير الرسمي المنعقد بالجزائر مؤخرا والذي جرى بالتنسيق مع دولتي النرويج وزيلندا الجديدة وضم 103 ممثلين عن الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان يندرج في هذا السياق، وأنه فتح المجال أمام كل الدول باختلاف تأثيراتها على المستوى الدولي بطرح أفكار وتقديم مقترحات في هذا الشأن. وأكد أن الجزائر تعمل على تقريب وجهات النظر في مجال حقوق الإنسان بين كل الأعضاء حتى لا تتم عرقلة الديناميكية الدولية الحالية. ونبه وزير الخارجية الى ضرورة أن لا تغطي مسألة مواصلة تنظيم هياكل المجلس على الدفاع عن حقوق الإنسان وترقيتها في الميدان، وكذا تعميق التفكير فيما يخص الاستجابة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية للشعوب، وكذا مسألة التغيرات المناخية واعتبر التقرير الأخير للمجلس "ايجابيا جدا" كونه يشجع الحوار بين كافة الدول.