جددت الجزائر مطالبتها المجتمع الدولي بالإسراع في عقد ندوة دولية حول مكافحة الإرهاب والتوصل إلى مفهوم دقيق متفق عليه للإرهاب، وانتقدت خلال أشغال الدورة ال13 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المنعقدة حاليا بجنيف السويسرية تنامي ظاهرة المساس بالمعتقدات، ورفضت تصنيف ذلك في إطار ضمان حرية التعبير، ودعت إلى فتح حوار شفاف وبناء تشارك فيه كل المجموعة الدولية لمناقشة ملف حقوق الإنسان بعيدا عن كل الحسابات "الضيقة". وقدم ممثل الجزائر الدائم في مجلس حقوق الإنسان السيد إدريس الجزائري أول أمس في تدخل له خلال المناقشات تصور الجزائر حول ثلاث قضايا، تتعلق برؤيتها فيما يخص وضعية حقوق الإنسان في ظل الحراك العالمي الحالي، وكيفية ترقية حقوق الإنسان والحفاظ على الحريات الأساسية في ظل مكافحة ظاهرة الإرهاب، وكذا عدم التعرض للمعتقدات الدينية والعرقية باسم حرية التعبير. وأعرب ممثل الجزائر بمجلس حقوق الإنسان في مداخلته عن أسف الجزائر لكون المجموعة الدولية لم تتوصل الى غاية اليوم لصياغة تعريف دقيق للإرهاب، وأوضح أن الإرهاب يأتي في مقدمة الظواهر التي تهدد مجال حقوق الإنسان كونه يتعرض إلى أول حق وهو الحق في الحياة. وعلى هذا الأساس فإن الجزائر تؤمن بأن المسائل الحساسة مثل الحفاظ على حقوق الإنسان وترقيتها في إطار مكافحة الإرهاب تمر عبر تعزيز حوار شفاف وبناء تتقاسم نتائجه الايجابية كل الهيئات المهتمة بترقية هذه الحقوق. وأضاف أن الجزائر التي تناضل منذ أكثر من عشرية كاملة من أجل عقد ندوة دولية شاملة ضد الإرهاب، تتأسف لكون المجموعة الدولية ظلت عاجزة إلى غاية اليوم في تحديد مفهو دقيق ومتفق عليه لظاهرة الإرهاب، مؤكدا بأن هذه المسألة تبقى حيوية بغرض تحديد المفاهيم ووضع مقاربات دقيقة تعزز جهود المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب وتضمن حماية حقوق الإنسان. ومن جهة أخرى تطرق السيد إدريس الجزائري في مداخلته إلى ظاهرة الاعتداء على المقدسات والمساس بالديانات. مشيرا إلى أنه من الواجب التفريق بين حرية التعبير والتحريض على كره الآخر، واعتبر تبرير المساس بالمعتقدات والديانات والتحريض على اللاتسامح بحرية التعبير والرأي "مغالطة" يتوجب على الهيئات الحقوقية الدولية والإقليمية النظر فيها. وأشار إلى أن التعرض للمقدسات والديانات هو سلوك يغذي اللاتسامح ويحرض على الحقد والكراهية، ويتخذ من انتماء الأشخاص إلى ديانة او عرق معين حافزا للقيام بذلك، مما يؤكد انه ليس له أية علاقة مع حرية التعبير بقدر ما هو "سلوك ينمي الحقد". ويذكر أن أشغال الدورة ال13 لمجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان انطلقت في بداية الشهر الجاري وتتواصل إلى غاية 26 منه، وسيتطرق فيها المشاركون إلى مجمل القضايا المتعلقة بحماية حقوق الإنسان في العالم وترقيتها. وفي موضوع آخر قدم السيد إدريس الجزائري تصور الجزائر حول كيفية تنسيق الجهود الدولية لترقية مجال حقوق الإنسان، وبعد أن أكد التزام الجزائر بدعم وتقوية التعاون والجهود الدولية لترقية وحماية هذه الحقوق، أوضح أن تحقيق هذه الأهداف لا يمكن أن يتم إلا عبر بعث حوار شفاف يراعي مسألة جوهرية وهي احترام السيادة والخصوصية الثقافية لكل دولة، وأضاف أن الجزائر حرصت على تبني هذا الموقف وهذه الرؤية عبر هذه المحافل. ويرى ممثل الجزائر الدائم في مجلس حقوق الإنسان التابع لهيئة الأممالمتحدة أن التوصل إلى اعتماد مقاربة ذات فعالية في مجال حقوق الإنسان لا يكون إلا عن طريق حوار بناء وإيجابي وشفاف تنخرط فيه كل المجموعة الدولية، وذكر بأن الجزائر انخرطت في هذا التصور وعلى هذا الأساس احتضنت يومي 20 و21 فيفري الماضي لقاء غير رسمي ضم ممثلي 130 مشاركا من بينهم 103 ممثلين دائمين في هيئة الأممالمتحدة. وانعقد ذلك اللقاء بالتنسيق مع كل من النرويج وزيلندا الجديدة وسمح بالتباحث حول وضع آليات مجلس حقوق الإنسان واقتراح ميكانيزمات جديدة تساهم في ترقية حقوق الإنسان في العالم. وكان وزير الخارجية السيد مراد مدلسي ألقى في افتتاح أشغال الدورة كلمة ضمنها موقف الجزائر من العديد من القضايا الراهنة المدرجة ضمن مجال حقوق الإنسان، ووجه دعوة لسبعة مقررين لحقوق الإنسان لزيارة الجزائر. وحدد مجالات نشاط هؤلاء المقررين في ترقية وحماية حق حرية الرأي والتعبير ومكافحة العنف ضد المرأة والحق في التربية وحق كل شخص في التمتع بالصحة البدنية والذهنية والحق في التغذية والسكن اللائق كعنصر في الحق في التمتع بمستوى معيشي لائق، والحقوق المتعلقة بالاستفادة من الماء الشروب. وفي سياق فتح الجزائر أبوابها لهيئات تعنى بترقية وحماية حقوق الإنسان في العالم جدد السيد إدريس الجزائري في كلمة ألقاها الخميس الماضي امام مجلس حقوق الإنسان دعوة السيدة نفانتام بلاي المحافظة السامية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لزيارة الجزائر خلال السنة الجارية. وتم تعيين السيدة نفاتام على رأس المجلس سنة 2008، وهي مناضلة سابقة ضد نظام الميز العنصري في جنوب إفريقيا وشغلت عدة مناصب في هيئات قضائية دولية منها محكمة العدل الدولية، وترأست المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا سنة 1995.