انتقد رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح أمس الطريقة التي يتم بها تصوير الواقع الجزائري بعد الشروع في عمليات التحقيق في قضايا تسيير المال العام، وأكد أن هناك خلطا للأمور ومحاولات لإظهار الجزائر "بمظهر سوداوي قاتم" وتشويه صورتها، غير أن الحقيقة ليست كذلك. وقال السيد بن صالح أمس في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح الدورة الربيعية لمجلس الأمة بحضور الوزير الأول السيد أحمد أويحيى وأعضاء الحكومة أن هناك من يحاول استغلال التحقيقات الجارية في ملفات تبديد المال العام في مؤسسات عمومية تصوير الجزائر على أنها بلد "كل إطارته متورطة في قضايا فساد ...وأن البلد كله متوقف عن العمل". واعتبر استغلال وجود هذه القضايا لتشويه صورة الجزائر والتشكيك في مصداقية كافة إطاراتها "أمرا فيه إجحاف كبير في حق البلد وفي حق إطاراته" ودعا إلى عدم الخلط في الفهم، وإلى ترك العدالة تقوم بعملها في إطار القانون. وذكر بأن المساس بالمال العام هو عمل مجرم وأن العدالة مطالبة فيه بتطبيق القوانين بالصرامة التي يقتضيها الموقف، وأوضح إن "الإرادة السياسية العليا للبلاد أعطت التعليمات الصارمة في أكثر من مناسبة لمحاربة الظاهرة والوقوف بكل حزم في وجه الفساد بجميع أشكاله وصوره". وأشار إلى أن الفساد ليس ظاهرة مقترنة فقط بالجزائر بل هي موجودة في كل دول العالم وكافة مجتمعاته "ولكن وكما في بلدان العالم هناك قوانين أيضا تتكفل بالموضوع وتعاقب فاعليه" وبالنسبة للسيد بن صالح فإن ما يحدث من قضايا فساد لا يجب ان يحجب النظر عن الإنجازات التي تحققت في الميدان خلال العشرية الماضية. وبخصوص الإضرابات التي عرفتها بعض القطاعات في المدة الأخيرة منها التربية والصحة، قال السيد بن صالح أن "التطور السريع يولد عادة بعض التناقضات ويتسبب في قيام بعض التوترات ويبرر صدور بعض المطالب الاجتماعية"، واعتبر الحوار الإطار المناسب لحل كل المشاكل العالقة، ودعا جميع الأطراف إلى تشجيعه. وبالنسبة للعمل التشريعي وجدول الدورة الحالية ذكر السيد بن صالح بأن هناك نصوصا تتعلق بقطاعات الجماعات المحلية والمالية والعدالة والفلاحة والبيئة وتهيئة الإقليم، إضافة إلى مشروع اللائحة المتضمنة القانون الأساسي لموظفي مجلس الأمة. كما ينتظر أن يسطر مجلس الأمة برنامجا متعدد النشاطات بغرض السماح لأعضاء مجلس الأمة بتأدية مهامهم الرقابية في إطار طرح الأسئلة الشفوية أو الكتابية، إضافة إلى العمل الميداني من خلال القيام بمهمات في الولايات تخص جميع القطاعات. وقدم السيد بن صالح في خطابه حصيلة عمل المجلس خلال العهدتين الماضيتين منذ إنشائه سنة 1998، واعتبر استمرار الغرفة العليا في النشاط منذ تلك المدة إلى غاية اليوم يعد ردا صريحا على الذين شككوا في نجاعتها وفي مساهمتها في إنجاح مبدأ الفصل بين السلطات والعمل بنظام الغرفتين. ويرى السيد بن صالح أن مجلس الأمة ساهم في تثبيت قواعد الاستقرار المؤسساتي وفي تدعيم استقرار البلاد، وأنه حقق الشيء الكثير مما هو مطلوب منه، غير أن تجربته كان من المفروض أن تكون أحسن "لو أدخلت عليها بعض التحسينات في طريقة العمل، وفي العلاقة الموجودة بين الغرفة الثانية والأولى ومع الحكومة. وربط قضية تحسين الأداء وإثراء التجربة البرلمانية باتخاذ إجراءات وقرارات بالاشتراك مع المجلس الشعبي الوطني وكذا بالتنسيق مع الحكومة. وفي سياق التطرق إلى موضوع تحسين أداء الغرفة العليا توقع السيد بن صالح أن تتم مراجعة الدستور والقانون العضوي الناظم للعلاقات والنظام الداخلي ما يسمح بإحداث نقلة نوعية في أدائه خاصة في الجانب التشريعي، غير انه لم يقدم أية تفصيلات في الموضوع. وفي انتظار بلوغ مرحلة التعديل أكد رئيس الغرفة الثانية للبرلمان أن المجلس بإمكانه المساهمة في الجانب التشريعي بالإضافة إلى مناقشة وتبني القوانين وإصدار لوائح بغرض سد الفراغات القانونية الموجودة، كما دعا المجلس الشعبي الوطني إلى المساهمة في تحسين أداء البرلمان بغرفتيه. وعن العلاقة بين الحكومة والبرلمان بغرفتيه أكد السيد بن صالح أن هناك عملا كبيرا يتطلب التنسيق فيه، وذكر منها مسألة جدولة أعمال الدورة وتقديم مشاريع النصوص القانونية، وقضية طرح الأسئلة الشفوية موضحا بخصوص هذه النقطة أن التوجيهات التي قدمها الوزير الأول السيد أحمد أويحيى بهذا الشأن "لم يجد بعضها طريق التجسيد إلى حد الآن" وأن المجلس سيواصل الحوار مع وزارة العلاقات مع البرلمان لتذليل تلك العقبات. ولأول مرة في خطاباته سواء في افتتاح الدورة أو في اختتامها تطرق السيد بن صالح إلى موضوع غياب أعضاء المجلس عن الجلسات، ودعا كل أعضاء المجلس إلى ايلاء موضوع الحضور في الجلسات العامة أهمية كبيرة، ودعا الوزراء إلى الاستجابة لكل الطلبات التي تصلهم من المجلس في إطار الأسئلة الشفوية كون "الحضور إلى البرلمان يدخل ضمن المهمة التي هم مكلفون بها". وشدد في هذا الإطار على ضرورة إعادة النظر في الكيفيات التي يتم من خلالها طرح الأسئلة الشفوية.