هناك أشياء عظيمة لا يمكن الاستخفاف بها، بل ينبغي الوقوف عندها والنظر فيها ودراستها من جميع جوانبها، إن الأمم المتحضرة ترى في مخلفات عظمائها تحفا ينبغي المحافظة عليها وإدخالها بدل الأرشيف المتاحف، وربما لتعظيمها أكثر فتح لها المزاد العلني وبيعت بملايين الدولارات، مثل اللوحات ومخطوطات العلماء ورسائلهم وصورهم، وحتى الفنانين، وهذا دليل على أن هذه الشعوب تملك إحساس المعرفة والمدنية والتحضر، فهل وصلنا نحن إلى التفكير في الحفاظ على مقتنيات علمائنا ومفكرينا؟ هذا ما يجيب عليه الدكتور أبو القاسم سعد الله في دراسته وتعليقه رسائل في التراث والثقافة مراسلات الشيخ المهدي البو عبدلي 1907-1992م)· كراسات المجلس الإسلامي الأعلى، كراسات جادة وجيدة ومفتوحة على العديد من الإفادات وإزالة بعض الغموض وتحريك الذاكرة الإيجابية في التراث والفكر والثقافة والتاريخ والدين· ففي الآونة الأخيرة صدر للمجلس العديد من الكراسات ذات الأهمية الكبيرة، والمتناولة من قبل اقلام من الصنف الثقيل في الساحة الثقافية والتاريخية، ومن هذه الكراسات رسائل في التراث والثقافة دراسة وتعليق·الدكتور أبو القاسم سعد الله الذي عرف هذه الرسائل الخاصة بالشيخ المهدي البو عبدلي بقوله في مقدمة الكراس هذه مجموعة من الرسائل أرسلها إلي المرحوم الشيخ المهدي البو عبدلي (1907-1992) عندما كنت أجمع مادة كتابي "تاريخ الجزائر الثقافي"، فكان يجيبني بكل أريحية رغم الأمراض التي اعترته في تلك الفترة ورغم شواغله في البحث وتحقيق الكتب وحضور المؤتمرات وغيرها من الأنشطة الوطنية والدولية· ويحتوي الكتاب على مقدمة للمؤلف، دراسة لرسائل الشيخ المهدي البو عبدلي، محتوى الرسائل، نصوص الرسائل، قصيدة الشيخ محمد بن آمنة بن دوبة، غوثية الشيخ مصطفى بن أحمد التهامي الغريسي، نقول من كناش العمالي أحياء معالم مدينة الجزائر، مساجد الجزائر، المحافظة على الآثار القديمة الإسلامية، المحافظة على الكتب، المصادر الأوروبية لتاريخ مدينة الجزائر والملاحق· الكراس يحتوي على 140 صفحة من القطع العادي، إضافة إلى صور للرسائل، فهرس الأشخاص، فهرس الأماكن، فهرس الكتب ومحتوى الكتاب·ويعلق الدكتور أبو القاسم سعد الله في ظهر الكتاب قائلا : من ثنايا هذه الرسائل في التراث والثقافة يمكن للدارس ان يستشف حياة وأفكار الشيخ المهدي البو عبدلي نفسه، رأيه في علماء السلطة وفي الطرق الصوفية وفي التراث الثقافي وفي التقدم البشري وفي الإنسان والحضارة المعاصرة····