شكلت حادثة حصار دار بركان بناحية الحوش بولاية بسكرة في ذكرى إحيائها ال48 موضوع أشغال ندوة تاريخية نظمتها أمس الجمعية الخلدونية للدراسات والأبحاث التاريخية. واحتضنت هذه الجلسة قاعة المحاضرات للمتحف الجهوي للولاية السادسة التاريخية العقيد محمد شعباني بمدينة بسكرة بحضور المجاهد الرائد عمر صخري إطار سابق بالولاية السادسة التاريخية ومجاهدين. وأوضح رئيس الجمعية الخلدونية السيد فوزي مصمودي في مداخلة تمهيدية أن حادثة دار بركان التي تحظى بتسليط الضوء عليها بصفة غير مسبوقة في هذه الندوة تتميز بكونها ''تمثل حالة خرق وقف إطلاق النار من طرف قوات الاحتلال الفرنسي بعد اتفاقيات ايفيان المبرمة بين الجزائر وفرنسا بتاريخ 18 مارس .''1962 وأفادت المداخلات أنه في غمرة الاحتفالات بإعلان وقف إطلاق النار''عيد النصر'' الذي أصبح ساري المفعول غداة توقيع اتفاقيات ايفيان انزلقت مجموعة من مجاهدي جيش التحرير الوطني من مواقعها بجبل أحمر خدو باتجاه بلدة الحوش بتاريخ 3 أفريل عام .1962 لكن قوات العدو الفرنسي التي كانت انسحبت من هذه الواحة سابقا سرعان ما عادت إلى المنطقة بمجرد تبليغها بأن مجاهدين متواجدين بالمكان وطوقت ''دار بركان'' (المنزل الذي حل به المجاهدون) بقوات قوامها حوالي 200,1 عسكري مدججين بأسلحة مختلفة منها تشكيلات من المدرعات والمدافع و12 طائرة. وإثر إخلاء الحي من السكان وفرض حصار محكم على المنزل بالمدفعية والأسلاك الشائكة لمنع أي محاولة للدخول أو الخروج طالبت المجاهدين الذين كان تعدادهم يفوق ثلاثين فردا بإلقاء السلاح والاستسلام لقوات العدو غير أن المجاهدين بقيادة الراحل الطيب موسى رفضوا ذلك بصفة قطعية. وفي خضم هذه الوضعية الصعبة نجح المجاهدون في التغلب على أزمة العطش بحفر بئر في فناء المنزل في اليوم الموالي للحصار وتأمين الطعام باستغلال مؤونة قاطني المنزل مع البدء في حفر خندق لأجل التسلل خلف الطوق العسكري. وأمام حالة الصمود التي أبداها المجاهدون عمدت القوات الفرنسية إلى ممارسة أسلوب الاستفزاز قصد دفع المجاهدين إلى إطلاق النار لكن حكمة المجاهدين كانت أقوى فكان رد قائد المجموعة بالقول ''نحن نسير بأوامر فوقية من قيادتنا وحفاظا على استقلالنا الوطني لا نحاربكم''. ووصلت تداعيات الأزمة إلى مستويات عليا في الدولة حيث كلفت لجنة الأمن برئاسة عبد الرحمان فارس قائد الولاية الأولى التاريخية العقيد الطاهر زبيري للتدخل إذ قام هذا الأخير بتعيين المجاهد الراحل منصور رحال بتقصي الحقائق وكان في مهمة مماثلة العقيد نافالي عن الجانب الفرنسي. وأفضت المفاوضات حول القضية إلى فك الحصار الذي استمر 11 يوما من طرف قوات العدو مقابل عودة المجاهدين إلى نقطة انطلاقهم. وعقب مغادرة المجاهدين دخل بعض القادة الفرنسيين للموقع واندهشوا لحفر البئر والخندق وحينها قال الجنرال الفرنسي المدعو جيموري ''أتمنى في المستقبل أن أقود رجالا مثلكم''. وفي ختام الندوة التي نظمت بالتنسيق مع إدارة المجلس الشعبي لبلدية الحوش اقترح المشاركون إمكانية السعي لتحويل دار بركان إلى متحف وإدراج هذه الملحمة ضمن المقررات المدرسية واستحداث قناة تلفزيونية مختصة في أحداث ثورة التحرير الوطنية. (وأج)