لا تفوت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون مناسبة إلا وأكدت فيها ولاءها لإسرائيل ودعمها لها والتأكيد أن الولاياتالمتحدة لن تتخلى عنها في موقف يتجدد في كل مرة لتعبر فيه عن الانحياز الأمريكي إلى جانب إسرائيل ويفقدها صفة الوسيط في تسوية النزاع القائم في منطقة الشرق الأوسط.ولم تفوت كلينتون مناسبة إحياء إسرائيل زرعها في قلب الوطن العربي سنة 1948 للقول أن دعم الولاياتالمتحدة للكيان الصهيوني لن يضعف أبدا وأنها ستواصل مساندتها لها و''اقتسام الأخطار المحدقة بكم وتحمل أعبائكم''. ويؤكد مثل هذا التصريح أن الولاياتالمتحدة لم تغير من نظرتها النمطية للعرب مادامت الرسالة موجهة بطريقة ضمنية إليهم وتحذيرهم من محاولة المساس بأمن إسرائيل وبأن رد الولاياتالمتحدة سيكون عنيفا. كما أن هذه التصريحات جاءت أيضا لتؤكد أن التظاهر بوجود خلافات بين الرئيس باراك اوباما والوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حول مقاربة كل طرف لمسألة تحقيق السلام في المنطقة العربية ما هي إلا مجرد خلافات سطحية ما دام جوهر العلاقة بين إسرائيل وأكبر محامي لها تبقى نفسها ولم تتغير من حيث أهدافها العامة والاستراتيجية لأكثر من ستة عقود. وهي الحقيقة التي لم تخفها رئيسة الدبلوماسية الأمريكية وهي تتودد إلى حكومة الكيان الإسرائيلي المحتل بأن تشعر ''بالتزام شخصي باتجاه إسرائيل وأن الرئيس اوباما يقاسمها نفس الشعور وأن إرادة الأمة الأمريكية لن تهن أبدا أمام الرغبة في حماية إسرائيل وضمان أمنها وحماية مستقبلها'' في إشارة واضحة إلى محيطها العربي والإسلامي. وقالت كلينتون أن إحياء ذكرى فرض الدولة العبرية في قلب الأرض العربية هي ''مناسبة لإحياء كل ما تمكنت إسرائيل من تحقيقه طيلة 62 عاما'' من الوجود المفروض بقوة الحديد والنار وبما يؤكد ''وحدة شعب إسرائيل والولاياتالمتحدة وشراكتنا الاستراتيجية وقيمنا المشتركة وتطلعاتنا الواحدة''. والمفارقة أن رسالة الود المفرط التي بعثت بها وزيرة الخارجية الأمريكية إلى الحكومة الإسرائيلية جاءت يومين بعد دعوتها للوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بضرورة بذل جهد أكبر من أجل إعادة بعث عملية السلام المتعثرة. ولكنها في واقع الحال وبهذه الرسالة الجديدة جاءت لتدعم حكومة الاحتلال في مواقفها الرافضة لكل مسار السلام ما دامت أهدافها وأهداف نتانياهو ونظيرها الإسرائيلي افيغدور ليبرمان هي نفسها. وتعمل إسرائيل منذ عدة أشهر على معارضة كل قرار تتخذه الولاياتالمتحدة واتخاذ قرارات متعارضة مع الرغبة الأمريكية التي زعم الرئيس الأمريكي باراك اوباما مؤخرا أن تحقيق السلام يبقى من القضايا الجوهرية لضمان الأمن القومي الأمريكي. وهو تصريح يعني بطريقة متعدية أن إسرائيل من خلال مواقف الرفض التي تصر عليها أصبحت تهدد الأمن الأمريكي ولكن ذلك لم يمنع لا كلينتون ولا مختلف المسؤولين الأمريكيين من تأكيد الدعم غير المشروط لدولة استيطانية عنصرية. وإلى غاية اليوم لم تستطع الإدارة الأمريكية تجسيد أقوالها في قرارات عملية وخاصة في كل ما تعلق بعقبة الاستيطان المستفحلة في القدسالشرقية وكل الضفة الغربية والتي أصبحت تهدد بنسف كل الجهود الرامية لتحريك عملية السلام.