دعت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية نهاية الأسبوع الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى إبداء مصداقية في مواقفه من أجل تحريك عملية السلام المتعثرة في منطقة الشرق الأوسط. واعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية لأول مرة أن الطريق لتحقيق هذا السلام لن يكون سهلا بما يتعين على كل طرف أن يقدم على اتخاذ خيارات صعبة ولكنها ضرورية من أجل تحقيق هذا الهدف. وجاءت تصريحات رئيسة الدبلوماسية الأمريكية بعد تسريبات اكدت أن الوزير الأول في الكيان الإسرائيلي المحتل يكون قد اتصل بها وابلغها قبوله بخيار الحل على أساس قيام دولتين، فلسطينية وإسرائيلية كما طالب بذلك الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ولكن الوزيرة الأمريكية شككت في صدق النوايا الإسرائيلية وأكدت أن ذلك يجب أن يكون مرفقا بإجراءات عملية لتسهيل حرية الحركة بالنسبة للفلسطينيين داخل الضفة الغربية وقالت أن الإجراءات الإسرائيلية الحالية غير كافية لإقناع الفلسطينيين بحسن نوايا حكومة الاحتلال في ظل الحواجز العسكرية المقامة وعمليات الاجتياح المتكررة والاعتقالات التي طالت عشرات الفلسطينيين في المدة الأخيرة. ولأول مرة أيضا أشارت المسؤولة الأمريكية إلى الوضع في قطاع غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على سكانه منذ أكثر من ثلاث سنوات وقالت أن إدارتها تشجع إسرائيل على مواصلة إحداث قفزة باتجاه تحقيق السلام الشامل من خلال احترام التطلعات المشروعة للفلسطينيين ووقف الأنشطة الاستيطانية والرد على الاحتياجات الإنسانية لسكان قطاع غزة'' الذين أصبحوا يعيشون في سجن مفتوح تنعدم فيه أدنى ضروريات الحياة. ولكن كلينتون تجاهلت عن عمد حتى التلميح إلى وضع القدسالشرقية الذي يبقى اكبر عقبات تحقيق السلام الذي تحدثت عنه في ظل وتيرة عمليات الاستيطان التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية بذريعة أنه لا احد بإمكانه وقفها مادامت هي العاصمة الأبدية لإسرائيل. وهو ما يؤكد أن الإدارة الأمريكية لم تتمكن من مواجهة إسرائيل بخصوص هذه القضية وعجزت عن الضغط عليها حتى تتمكن من تفعيل عملية السلام المتعثرة بسبب المشاريع الاستيطانية الضخمة التي باشرتها في المدينة المقدسة وشروعها في تنفيذ خطتها لتفريغ الضفة الغربية من سكانها بذريعة إقامتهم غير الشرعية. وحتى وان اعترف الرئيس الأمريكي قبل أيام أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط يدخل ضمن مقاربة إدارته لتحقيق الأمن القومي الأمريكي إلا انه لم يتمكن من فعل أي شيء أمام الرفض القاطع الذي أبدته الحكومة الإسرائيلية لوقف عمليات الاستيطان في القدسالشرقية. ولكن واشنطن لم تر مانعا في مقابل هذا العجز تحميل مسؤولية تعثر دورها على الدول العربية التي دعتها كلينتون إلى تفعيل مبادرة السلام العربية وإخراجها إلى الفعل وعدم الاكتفاء فقط بالتصريحات والتسهيل على الفلسطينيين مهمة مواصلة التفاوض مع إسرائيل. يعكس هذا التصريح حقيقة سياسة الكيل بمكيالين الأمريكية في تعاطيها مع الملف الشرق أوسطي وانحيازها المفضوح إلى جانب إسرائيل رغم غيها وكونها الدولة الرافضة لتحريك عملية السلام. ولمحت كلينتون من خلال تصريحها إلى أن الدول العربية هي التي منعت الفلسطينيين العودة إلى طاولة المفاوضات وتناست عن قصد العقبات التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية حتى لا يقبل الفلسطينيون استئناف هذه المفاوضات خدمة لسياسة إسرائيلية محددة المعالم الغاية منها فرض أمر واقع في القدس الشريف ستحصل في مقابله على كثير من التنازلات الفلسطينية. وهي الحقيقة التي لم يشأ لا الرئيس باراك اوباما ولا وزيرته للخارجية هيلاري كلينتون الإقرار بها رغم أنها هي التي وضعتهما في ورطة وقزمت من الدور الأمريكي في عملية السلام إلى مستوى جعل كل العالم يفقد ثقته فيه.