كشفت دراسة حديثة حول الاقتصاديات الناشئة أن الاقتصاد الجزائري يملك كل المقومات لتحقيق أداء أفضل في السنوات القادمة، وصنفته ضمن 25 اقتصادا صاعدا والمنتظر أن يسجل مستويات نمو ''أكثر تفاؤلا'' على المستوى العالمي. ووضع تقرير متخصص في اتجاهات الأسواق العالمية كشف عن نتائجه أمس الاقتصاد الجزائري ضمن خانة الدول التي تملك مقومات نمو ومستقبل واعد في مجال تحقيق النقلة النوعية، بالنظر الى ما تزخر به من إمكانيات بفضل السياسة المتبعة، وتوقع ارتفاع معدل النمو الحالي بضعفين. وللإشارة؛ فقد تجاوزت نسبة نمو الاقتصاد الجزائري السنة الماضية ثلاثة بالمائة، وأثر على ذلك التراجع الكبير في إيرادات النفط بسبب تدني الأسعار بالسوق الدولية بفعل الأزمة المالية العالمية، وسجل النمو خارج المحروقات نسبة ايجابية تجاوزت 6 بالمائة. وتؤكد الدراسة التي أجراها مكتب ''جرانت ثورنتون'' وهو إحدى شركات المحاسبة والاستشارات المستقلة الرائدة في العالم، أن السوق الجزائرية تتوفر على جميع المقومات التي تسمح باستقرار الاقتصاد وتحقيقه لمعدلات ايجابية في السنوات المقبلة، وركزت الدراسة في بحثها على رأي شركات عالمية لديها تجربة في مجال الاستثمار في أسواق عالمية، حيث أبرزت تلك المؤسسات بأن المعطيات الميدانية في الجزائر تعكس عدم وجود حواجز أمام تطور الاستثمار والاقتصاد ككل. ويأتي هذا الاعتراف بواقع الاقتصاد الجزائري رغم بعض المزاعم التي روجت لها بعض الأطراف الداخلية والخارجية حول الانعكاسات السلبية للإجراءات المتخذة من طرف الحكومة في قانون المالية التكميلي لسنة 2009 والذي جاء بغرض تنظيم التجارة الخارجية والتحكم أكثر في فاتورة الاستيراد وتشجيع الاستثمار الأجنبي الخالق للثروة، وتقليص هيمنة شركات التصدير والاستيراد على السوق على حساب المصنعين الوطنيين والأجانب على حد سواء. واتخذت الدولة حينها إجراءات تشجع الاستثمار الوطني والأجنبي وفرضت قيودا على عمليات تحويل العملة الأجنبية نحو الخارج. وتفيد الدارسة التي تم الكشف عنها قبل يومين في دبي بأن هناك توجها كبيرا من طرف الشركات العالمية نحو الاستثمار في الاقتصاديات الصاعدة، وصنفت الدراسة الجزائر من بين قائمة الدول التي تشهد اقتصادياتها في الوقت الراهن تحولات ايجابية وتسجل نسب نمو معتبرة، ومنها الشيلي، الهند، فيتنام، البرازيل، أستراليا، جنوب أفريقيا وماليزيا. وتشير الدارسة بطريقة ضمنية الى نجاح مشاريع الاستثمار العمومي التي باشرتها الجزائر والتي خصصت لها الدولة في السنوات الماضية أكثر من 150 مليار دولار، وهي الآن بصدد التحضير لمشروع ضخم بقيمة مالية تفوق 250 مليار دولار حسب ما أعلنه الوزير الأول السيد احمد اويحيى في تصريحات صحفية أدلى بها في وقت سابق.وفي هذا السياق، أشارت الدارسة الى ان الاقتصادات الصاعدة ليست لديها مشكلات هيكلية، لذلك تعد عملية تحفيز النمو أسهل. ومن هذا المنطلق، فإن مكتب ''جرانت ثورنتون'' يتوقع أن تكون نسبة النمو في الاقتصادات الصاعدة ومنها الجزائر خلال العام المقبل مرتفعة مقارنة بالاقتصادات الناضجة، وربط تحليلاته بوجود انتعاش في الاقتصاد العالمي وبروز مؤشرات التغلب على الأزمة المالية. للإشارة فقد اعتمدت دراسة ''جرانت ثورنتون'' على عملية استطلاع آراء لعينة تزيد عن 7400 مدير تنفيذي، ومدير عام، ورئيس مجلس إدارة وغيرهم من كبار المسؤولين في الشركات الخاصة المتوسطة إلى الكبيرة في 36 اقتصادا، وتم اختيار هذه العينة بشكل عشوائي من حيث عدد الموظفين وعائدات الشركة. وشملت الدراسة 100 شخص كحد أدنى لكل دولة من العينة، بهدف ضمان التوثيق الإحصائي.