تفاعلت دعوة بعض نواب مجلس الشعب المصري لقوات الأمن لإطلاق الرصاص على المتظاهرين بشكل لافت وأخذت أبعادا أخرى رغم محاولة رئيس الهيئة التشريعية فتحي سرور احتواء الموقف قبل استفحاله. وكانت بذرة هذا التأجج قد تفاعلت بسرعة فائقة منذ الأحد الماضي عندما طالب نائبان من حزب التجمع الوطني الديمقراطي الحاكم بضرورة إطلاق النار على المتظاهرين وانتقدا وزير الداخلية المصري لأنه تعامل ''بعاطفة زائدة'' مع من اسموهما ب ''الخارجين عن القانون ''وكان عليه أن يعطي الأوامر بإطلاق النار عليهم وعدم الاكتفاء برشقهم بالماء الساخن في إشارة إلى المشاركين في مظاهرات السادس من هذا الشهر أمام مقر البرلمان. وأدت مثل هذه التصريحات إلى مناقشات حادة داخل قاعة البرلمان وصلت إلى حد الضرب وتبادل الشتائم بين المؤيدين والمعارضين لمثل هذه الدعوة الغريبة من نواب شعب انتخبهم الشعب. ولم يكن لمثل هذا الخطاب الذي يعد بمثابة دعوة إلى القتل أن يبقى داخل جدران الهيئة النيابية المصرية ولكنه ما لبث أن تعدى صداه إلى خارجه ليتحول إلى قضية وطنية بالنسبة لأحزاب المعارضة التي كثفت من انتقاداتها في المدة الأخيرة باتجاه السلطات المصرية والحزب الحاكم. وتظاهر مئات النشطاء المنتمين الى ''حركة 6 افريل'' أمام مقر البرلمان المصري تنديدا بهذه الدعوة الخطيرة وطالبوا فتحي سرور رئيس البرلمان المصري برفع الحصانة البرلمانية عن نائبي الحزب الحاكم تمهيدا لمحاكمتهما على دعوتهما بقتل المتظاهرين بالرصاص الحي طبقا لنص المادة 360 من لائحة مجلس الشعب التي تطالب برفع الحصانة عن النواب في حال تقديم دعاوى قضائية ومستندات تدينهم. وينتظر أن تشهد العاصمة المصرية القاهرة في الثالث من الشهر القادم اكبر مسيرة احتجاجية تشارك فيها مختلف الأحزاب والتنظيمات المعارضة ضد مثل هذه الدعوة التي وصفوها بالخطيرة تزامنا مع انطلاق اشغال الدورة الربيعية لمجلس الشعب. ويبدو أن النائبين صاحبي هذه الدعوة وحتى الحزب الحاكم لم يكونوا يتوقعون تفاعلات هذه القضية وانعكاساتها السلبية على صورة الحزب الوطني الديمقراطي وشعروا جميعهم أن الدائرة ستضيق من حولهم شعبيا على مقربة من انتخابات رئاسية حاسمة لم يعد يفصلنا عنها سوى عدة أشهر. وقال النائب نشأت القصاص إنه كان يقصد بإطلاق الرصاص على من يخرج على القانون، بينما نفى النائب الثاني عبد الرحمن راضى أن يكون طالب بقتل المتظاهرين وأكد أنه ضد مبدإ إطلاق الرصاص على المتظاهرين. واضطر صفوت الشريف الأمين العام للحزب الحاكم إلى تبرئة ذمة تشكيلته السياسية من هذه التصريحات وقال إننا ''نرفض التحريض لإطلاق الرصاص على أي مواطن مصري'' وأن الحزب ''يحترم حرية الرأي ويحمي حق شباب مصر أيا كان اتجاهه في التعبير السلمي عن رأيه في إطار القانون وأنه يدين الدعوة إلى استخدام العنف أو اللجوء إلى القوة''. وكان شباب حركة 6 أفريل وعدد من الناشطين السياسيين قد تظاهروا يوم 6 افريل الماضي أمام مجلس الشورى المصري للمطالبة بتعديل الدستور وإقرار قانون مباشرة الحقوق السياسية، إلا أنهم جوبهوا بتعزيزات غير مسبوقة من قوات مكافحة الشغب التي استعملت القوة ضدهم من اجل تفريقهم بمبرر عدم حيازتهم على ترخيص لتنظيم التجمع واعتقلت العشرات منهم بتهمة التحريض والتجمهر غير المرخص به.