يعاني اختصاص طب الأذن والأنف والحنجرة بالجزائر من غياب التشخيص المبكر للأمراض المرتبطة بهذه الحواس الحساسة، وهو ما يصعب تحديد نسبة انتشار الإصابة بالصمم بالمجتمع خاصة لدى الأطفال. وتشير إحصائيات الجمعية الجزائرية للمختصين في أمراض الأذن الأنف والحنجرة إلى تسجيل حوالي900 حالة صمم جديدة لدى الأطفال سنويا. استفاد حوالي 800 مصاب بداء الصمم من عملية زراعة القوقعة الاصطناعية سنوات 2007 - 2009 في إطار البرنامج الوطني للزرع القوقعي حسب الدكتور جمال جناوي الأخصائي في طب الأنف الأذن والحنجرة الذي تحدثنا معه بمناسبة انعقاد المؤتمر الثامن لجمعية أخصائي طب الأنف الأذن والحنجرة الأحرار "أنول" المنعقد مؤخرا بالجزائر. ويصل عدد المصابين بداء الصمم في الجزائر إلى حوالي 60 ألف شخص هم بحاجة إلى عمليات الزرع القوقعي للتمكن من استعادة السمع، غير أن البرنامج الوطني لمكافحة الصّم بدأ بمنح الأولوية للأطفال، الذين قدر البروفسور جناوي رئيس مصلحة أمراض الأذن والأنف والحنجرة بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا عددهم بحوالي 900 حالة جديدة سنويا، مشيرا إلى تحقيق تم إنجازه في سنة 2002 حول العائلات الجزائرية، وشمل عينة من 250 ألف أسرة، وثبت تسجيل أكثر من 75 ألف مصاب بالصم من بين 726 ألفا و112 معاقا، كما أحصت وزارة التضامن الوطني من جهتها 70 ألف إصابة بالصّم العميق تتكفل بها الوزارة. وحسب نفس المختص فإن المستشفى الجامعي مصطفى باشا لوحده أجرى 40 ألفا و345 معاينة طبية و028,5 عملية جراحية خلال سنة 2009 وحدها، مؤكدا أن البرنامج الوطني للزرع القوقعي لدى الأطفال حقق أكثر من الأهداف المسطرة، بحيث تم زرع 800 قوقعة بالمراكز المختصة في حين كان محددا إجراء 400 عملية زرع قوقعة. وتنحصر أهم الأسباب المؤدية إلى إعاقة السمع بالجزائر إلى ارتفاع نسبة زواج الأقارب والإصابة بالتهاب السحايا وداء الحصبة (البوحمرون)، ناهيك عن حوادث المرور التي تؤدي إلى تمزق طبلة الأذن الداخلية، وكذا عامل الضجيج والضوضاء في المعامل والمدن بصفة عامة، حسب ما أفادنا به الدكتور محمد تشيكو نائب رئيس جمعية "أنول''، ويطرح مشكل التكفل بالمرضى ما بعد إجراء عملية الزرع القوقعي وجها آخر للمشكل الصحي، حيث أوضح الدكتور تشيكو أنه تجري حاليا بكامل مصالح طب الأنف والأذن والحنجرة بمستشفيات الوطن دورات تكوينية لفائدة أخصائيي طب الأرطوفونيا والطب النفسي للتكفل بالتدريب على النطق وتحسين السمع لفائدة حاملي القوقعات السمعية، كما أنه لا بد من توفر وحدات الاستغلال الأرطوفونيا على مستوى جميع مصالح المستشفيات للتكّفل بالمريض ما بعد عملية الزرع القوقعي، مع ضرورة تنصيب وحدة تشخيص داء الصمم بالتنسيق مع رؤساء مصالح طب النساء والتوليد لفحص جميع المواليد الجدد، بمن فيهم الخدّج الذين يسجلون حالات صمم بالنظر إلى ولادتهم المسبقة، فكلما كان التشخيص مبكرا كان التكفل أكثر إيجابية. وتصنف المنظمة العالمية للصحّة داء الصمم كمشكل صحي عالمي، وطب الأنف الأذن والحنجرة كأول وأهم اختصاص للعشرية القادمة بالنظر إلى ارتفاع معدلات الشيخوخة التي لها بالغ الأثر على عملية السمع، هذا الاختصاص الطبي شهد تطورات هائلة على الصعيد العالمي، أهمها زراعة القوقعة الآلية في الأذن المتوسطة، بحسب الدكتور تشيكو، موضحا أنه يتخرج سنويا من كليات الطب بالوطن عشر مختصين في طب الأنف والأذن والحنجرة، وتعدّ الجزائر 1000 أخصائي في هذا المجال-.