كرّس مجلس الوزراء المجتمع الأسبوع الماضي توجه الدولة نحو تدعيم نشاط المؤسسات العمومية الاقتصادية، من خلال تمكينها من صفقات تموين إدارات عمومية أخرى قصد المساهمة في إحداث تكامل بين هيئات عمومية وطنية، كما سمح فصل المجلس في صفقات عمومية بالتراضي بقطع الطريق أمام أية محاولة لإتمامها خارج التشريع المعمول به. وصادق المجلس الذي ترأس أشغاله رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة على أربع صفقات بين مؤسسات اقتصادية عمومية وهيئات إدارية تهدف بالدرجة الأولى إلى تشجيع ودعم الشركات الاقتصادية التابعة للقطاع العام وتمكينها من مشاريع عمومية، وهذه الخطوة المعتمدة من طرف الدولة منذ بروز الأزمة المالية العالمية في إطار ما أصبح يعرف لدى المختصين ب''الحمائية الاقتصادية'' ستنعش الشركات العمومية وتفتح لها آفاق تطوير إمكانياتها وقدراتها الإنتاجية، وهو ما من شأنه أن يساهم في تشجيع الإنتاج الوطني. وتأتي مصادقة مجلس الوزراء على صفقة تراضي بين وزارة النقل والشركة الوطنية للسيارات الصناعية والتي تقضي بتزويد الوزارة بأكثر من 1020 حافلة لتجسد ذلك التوجه في تنفيذ برنامج إعادة تنظيم النقل العمومي في ولايات الوطن، حيث أنهت الحكومة شهر أفريل الإجراءات القانونية الرامية الى تمكين كل ولاية من ولايات الوطن من شركة نقل حضري وشبه حضري، والصفقة التي صادق عليها مجلس الوزراء وهو أعلى هيئة في الدولة تصدر عنها القرارات ستفتح المجال لتزويد 34 مؤسسة عمومية للنقل الحضري وشبه الحضري بالحافلات، علما ان الإطار القانوني الخاص بإنشاء تلك الشركات تم وضعه منذ أشهر. ومن بين ما أقره مجلس الوزراء المجتمع الأسبوع الماضي أيضا منح صفقة تزويد وزارة التكوين والتعليم المهنيين بخمس حافلات مهيأة في شكل أقسام متنقلة للشركة الوطنية للسيارات الصناعية مزودة بتكنولوجيا البث والاستقبال بنظام'' VSAT'' ومجهزة بكتل معلوماتية، وتكون هذه الأقسام المتنقلة موصولة بمؤسسات التكوين والتعليم المهنيين وستسمح بتقديم تكوين لفائدة بعض الفئات من المواطنين في المناطق الريفية، خاصة منها النساء الماكثات بالبيوت والشباب الباحث عن الشغل. ومنح مثل هذه الصفقة لشركة عمومية يعني الكثير بالنسبة للإنتاج الوطني، وهو ما سيفتح للشركة الوطنية للسيارات الصناعية المجال لإبراز قدراتها في صنع حافلات مزودة بتكنولوجيات حديثة، وهي تقنيات شرعت الشركة في تنفيذها منذ مدة وخير دليل على ذلك تلك الحافلة ''المفاجأة'' الخاصة بالمنتخب الوطني والتي جاب بها عناصر المنتخب كل شوارع العاصمة بعد عودتهم من مدينة أم درمان بالسودان حاملين تأشيرة التأهل لمونديال جنوب إفريقيا. ومن ضمن الصفقات الأخرى التي تدخل في نفس الإطار نجد الصفقة الثالثة بين وزارة التربية الوطنية والمؤسسة العمومية لاتصالات الجزائر تتعلق بإقامة مركز حساب لتسيير المستخدمين ونظام لإلقاء المحاضرات عن بعد ونظام انترنيت وانترانات، الغاية منهما تعميم استعمال الاعلام الآلي في المؤسسات التربوية الوطنية، ومن بين ما تنص عليه الصفقة ربط حوالي 2000 ثانوية و5 آلاف إكمالية و18 ألف مدرسة ابتدائية عبر كامل التراب الوطني بهذا النظام. أما الصفقة الرابعة فهي بين وزارة السكن والعمران والمركز الوطني لهندسة البناء الهدف منها إجراء دراسة، وكذا متابعة إنجاز حي جامعي بسعة 2000 مكان إيواء بمدينة علي منجلي بقسنطينة. وإذا كان إجراء مجلس الوزراء يكرس بالفعل توجه الدولة نحو إعادة تفعيل دور الشركات الاقتصادية العمومية فإن من بين ما يحمله القرار هو ضمان شفافية الصفقات العمومية التي تمنح بالتراضي، والتي كان المثير منها محل تحقيقات في السابق لوجود شبهة بعدم احترامها للتشريع المعمول به في هذا المجال، وعليه فإن إشراف المجلس على المصادقة على الإجراء يعد ضمانا لشفافية تلك العمليات خاصة بالنظر إلى حجمها المالي الذي لم يفصح عنه والمقدر لا محالة بملايير الدينارات بالنظر إلى ضخامتها. واللافت أنه لأول مرة توكل لمجلس الوزراء مسألة الدارسة والمصادقة على مشاريع تمنح بالتراضي، وهو إجراء قرر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصيا اعتماده في قانون المالية للسنة الجارية بعد شروع القضاء في معالجة قضايا تورط فيها مسؤولون في مؤسسات عمومية متابعون بشبهة عدم الامتثال للقانون المعمول به في مجال منح الصفقات العمومية. وبمصادقة المجلس على تلك الصفقات بين الشركات العمومية والهيئات الإدارية يكون قد ساهم في دعم القطاع الاقتصادي العمومي، من جهة وكرس الشفافية في تنفيذ الصفقات العمومية من جهة أخرى.