عاد الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل إلى المنطقة في زيارة أخرى لمتابعة المفاوضات غير مباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي تم الإعلان عن انطلاقها الشكلي في التاسع ماي الجاري بعد جهود أمريكية حثيثة أسفرت في النهاية على موافقة طرفي الصراع على مباشرة هذه المفاوضات. وضمن مساعيه الرامية لإزالة الجليد على عملية سلام ماتت اكلينيكيا يلتقي غدا الموفد الأمريكي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس برام الله بالضفة الغربية في لقاء يعد الأول بين الرجلين منذ الإعلان عن إطلاق المفاوضات غير المباشرة. ولا تبدو مهمة ميتشل سهلة في إحياء عملية السلام في ظل تناقض مواقف الفلسطينيين والإسرائيليين بخصوص الملفات التي يجب أن توضع على طاولة البحث، ففي الوقت الذي تصر فيه السلطة الفلسطينية على ضرورة التطرق إلى قضايا المسائل الجوهرية تتحجج إسرائيل بأمنها وضرورة حماية مواطنيها من صواريخ المقاومة الفلسطينية. وقال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين أن ''اللقاء سيبحث قضايا الوضع النهائي مع إسرائيل غير أنه سيركز حاليا على موضوعات الحدود والأمن من أجل ترسيم دولتين على حدود عام .''1967 وأضاف ''أنه من الممكن إجراء تبادل طفيف للأراضي من حيث القيمة والمثل بين الجانبين دون أن يجحف هذا بالمساحة الكلية لأراضي الرابع من جوان عام 1967 بما يشمل مدينة القدسالمحتلة''. وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين يشير إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ومدينة القدس التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وهي المناطق التي يريد الجانب الفلسطيني أن تتشكل منها الدولة الفلسطينية التي يفاوض للاتفاق من أجل الوصول إليها. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بشدة هو هل يمكن أن يتم تعويض ارض في القدس الشريف بأخرى في مكان آخر من الأراضي الفلسطينية المحتلة ؟ ثم هل توجد ارض أكثر أهمية وقيمة من ارض القدسالمحتلة التي تسعى إسرائيل إلى جعلها العاصمة الأبدية لدولتها العبرية. مثل هذه التساؤلات تجد مصداقيتها بالعودة إلى الوتيرة الاستيطانية المتسارعة التي تتعمد إسرائيل المضي فيها من اجل بناء اكبر عدد من المستوطنات وابتلاع اكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية وتهويد ما تبقى من أنقاض ارض احتلتها عنوة بعدما هجرت سكانها بقوة الحديد والنار وتمارس أبشع الاعتداءات والانتهاكات على من بقي منهم متمسكا بأرضه وارض أجداده فيما يعرف بعرب .48 فإسرائيل والى غاية الآن أكدت وأصرت في عديد المناسبات على موقفها المتمسك بالاستيطان ولا تتوقف عن الإعلان عن المزيد من المشاريع الاستيطانية في القدسالمحتلة والضفة الغربية رغم أن تجميد الاستيطان كان مطلبا ملحا ليس فقط من قبل الجانب الفلسطيني بل طالبت به كل المجموعة الدولية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة من اجل خلق الأجواء المناسبة لإحياء مسار السلام المعطل في المنطقة. وتعليقا على إعلان إسرائيل نيتها الاستمرار في مشاريع البناء في القدس قال عريقات ''إذا استمرت في الاستيطان وهدم البيوت وتهجير السكان وفرض الحقائق على الأرض فإنها بذلك تكون حكمت على المفاوضات بالدمار قبل أن تبدأ'' مشددا على وجود التزامات على إسرائيل يتوجب عليها احترامها. وأضاف ''أن ما بيننا وبين الجانب الأمريكي في المفاوضات غير المباشرة هي قضايا الوضع النهائي التي تشمل اللاجئين والحدود والقدس والمعتقلين والمياه والتي ستحل وفق الشرعية الدولية والقانون الدولي بما يقود إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا حتى إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة''. وأكد المسؤول الفلسطيني أن هذه هي المعادلات القائمة الآن والجانب الإسرائيلي أمام خيارين إما السلام أو الاستمرار في الاستيطان ولا يمكن لإسرائيل الجمع بين الأمرين في الوقت نفسه.