أقيمت صباح أول أمس بنادي الإعلام الثقافي بقاعة »الأطلس« ندوة فكرية خاصة ب»مسرح الطفل بين الكتابة والإخراج« وذلك على هامش أيام مسرح الطفل الذي نظمها الديوان الوطني للثقافة والاعلام بالتنسيق مع جمعية ''محمد اليزيد''، وتعتبر الندوة وقفة تقييم لكل ما يقدم للطفل من إبداع ونشاط ترفيهي ومدى مطابقته للنظم التربوية والأخلاقية والفنية الجمالية. نشط الندوة المخرج والكاتب ومدير المسرح الجهوي لبجاية الفنان عمر فطموش، والإعلاميان سمير مفتاح وسعيد حمودي. بداية أكد الفنان عمر فطموش ان مسرح الطفل في الجزائر لايزال بعيدا عن الاهتمام، كما ان بعض متعاطيه بعيدون عن هذا العالم الجميل وتحكمهم بعض المصالح المادية. أكد المتدخل انه لابد من مراعاة المعطيات السيكولوجية للطفل، والاهتمام بالبنية الدرامية والاخراج والألوان والجماليات في كل عمل مسرحي يقدم للطفل. من جهة أخرى، أشار الفنان فطموش أن المسرح بالنسبة للطفل ما هو إلا لعبة خاصة في السن من 6 إلى 12 سنة ولا يراه على أنه إبداع ومسرح وفن، ويخطئ من يعتقد أن للطفل موهبة فنية بل إن الطفل يتعامل مع التمثيل ليس من باب الموهبة بل من باب اللعب. وثمن المتدخل بعض محاولات ترسيخ بعض التجارب الفنية خاصة في المدارس والمخيمات (المسرح المدرسي)، مبينا أن المسرح يختلف عن التنشيط الترفيهي الذي غالبا ما يبرز مع المهرج الذي تحكمه أصول فنية مضبوطة. ولمسرح الطفل -حسب السيد فطموش- عدة اهداف منها الاهداف التربوية المبنية على الاخلاق وهناك الأهداف البيئية (الماء، التلوث) وهناك الأهداف السياسية (حب الوطن، ايديولوجيا ما). شدد المتدخل على ضرورة جلب الراحة النفسية للطفل اثناء العرض مع ابراز ذكاء المسرحي في اقتحام عالم الطفل بشكل غير مباشر، مثيرا عند الطفل مراجعه الادبية والاخلاقية المخزونة في رأسه الصغير وكلما نجح العرض بطريقة فنية صحيحة في مناداة ما يختزنه هذا الرأس الصغير كلما كان التجاوب، أكبر علما أن أية هفوة يكتشفها الصغير تقطع هذا التجاوب وتجعل الطفل لا يأبه بالعرض لأنه لم يصل الى وجدانه واستغلال معارفه المخزونة لتوظيفها واستغلالها. من جهة أخرى، هناك تجاوب آني لايحتاج الى ابداع أو اجتهاد الفنان أو المسرحي أو المنشط ففي أجواء المونديال مثلا يكفي ذكر كلمة من أغنية حتى يتفاعل الطفل ويخرج ما يختزنه من أغاني »الخضرة«. أما الكاتب الإعلامي سمير مفتاح فتعرض الى ''مسرح الطفل بين التعليم والترفيه''، مؤكدا على غيابه شبه الكامل عندنا خاصة فيما يتعلق بالعرض المتكامل سواء في المسرح أو في فضاءات الطفل (المدرسة مثلا). هذا المسرح القادر على تحريك خيال الطفل وتنمية قدراته، غائب من الاستراتيجية الكبرى للثقافة والتربية. وأكد السيد مفتاح ان الأطفال قادرون أكثر من غيرهم على لعب المسرح والتقاط التفاصيل في الاخراج والأداء وسعة خيال الطفل جعلت المبدعين اليوم يتخلون عن الطرق الكلاسيكية، ويتوجهون إلى الطرق الحديثة والإبداع واستغلال كل ما يخدم العرض. في الجزائر بقيت التجربة متواضعة وغير مؤسسة خاصة في غياب الرقابة على العروض إذ فتح المجال لكل من هب ودب مما يمثل خطرا على الطفل، زيادة على غياب مهرجانات مسرح الطفل تعمل على تفادي سياسة »الزردة« واستثمار المواعيد في انجاز وعرض مشاريع مقبولة. وأعطى مفتاح صورة عن مسرح الطفل في العاصمة إذ لا يتعدى العرض عملين محترمين مما يستدعي إعادة بناء وإعادة الرؤية. بدوره أكد سعيد حمودي أن الوضع ليس في أحسن حال داعيا الى تدخل بعض الجهات للنهوض بهذا الفن منها جمعيات أولياء التلاميذ التي عليها متابعة البناء الجمالي للأطفال من خلال مادة التربية الفنية وكذا الكشافة التي لها احتكاك كبير بالطفل عبر مراحله العمرية (أشبال، فتيان، رواد) والتي تهتم من خلال دوراتها المسرحية بالطفل. تبقى المحاولات معزولة ولم تترسخ ولم تصنع تقاليد لإنشاء جمهور الغد، فالطفل الذي ينشأ على تربية فنية هادفة وبناءة وجمالية سوف لن يكون مواطنا فاسدا ومخترقا ثقافيا.