مات الجنرال السفاح مارسيل بيجار أمس حاملا معه آثام ممارساته الفظيعة على آلاف الجزائريين خلال الثورة التحريرية، فلا تأنيب الضمير ولا الصور الوحشية المخزنة في ذاكرته التي لازمت مشواره الاستعماري والمدني قد نجحت في تحريك مشاعره وانتزاع اعترافاته بخصوص اقترافه جرائم في حق ضحاياه. فقد فضل بيجار قبر كل الحقائق معه، في الوقت الذي تباهى في العديد من المناسبات بالمهمات القذرة التي أوكلت إليه، من منطلق قناعته بأن التوازن العسكري في الجزائر لصالح المشروع الاستعماري يقتضي اقتراف مجازر وإبادات جماعية، ولذلك فقد استباح كل الممارسات الوحشية القمعية والبوليسية في التعذيب لتحقيق أهدافه العسكرية أثناء الثورة التحريرية. لقد مات بيجار الذي كثيرا ما اقترن اسمه بالبطل العربي بن مهيدي، كونه أي (بيجار) اشرف على تعذيبه في الوقت الذي لم يخف فيه إعجابه بصلابة هذا الرجل وإيمانه بالقضية الوطنية. وقد قال عنه بأنه لو كان يملك عشرة من أمثاله لحكم العالم بأكمله، شأنه في ذلك شأن العديد من الأبطال الذين صمدوا في وجه همجية بيجار وكتب لهم العيش بعد الاستقلال لفضح ممارساته الوحشية. كما أن موت بيجار يفتح المجال للحديث عن مصير مسعى كتابة التاريخ المشترك بين الجزائروفرنسا، في وقت يفضل فيه أمثال بيجار التكتم عن الحقائق التي لازمت مسارهم الاستعماري ويرفضون الاعتذار عن جرائمهم في حق الأبرياء، مما يرهن كل محاولة لتحقيق التقارب بين الجانبين. ويكفي أن نستشهد في هذا الصدد بمصادقة البرلمان الفرنسي على قانون العار 23 فيفري الممجد للاستعمار. وإذا لم يكن بإمكاننا محاسبة أعمال هذا السفاح لأنه بين يدي الله، إلا أن الشيئ المؤكد هو أن التاريخ لن يرحمه لأن حجم الفظائع التي ارتكبها لا تتسع لها صفحاته،، وسيبقى ذلك وصمة عار على جبين فرنسا الرسمية قبل فرنسا الاستعمارية.