مع أواخر الربيع سجلت ''المساء'' تهافتا ملحوظا من طرف النسوة على منتجات التجميل الطبيعية التي عرضتها بعض الشركات والمخابر الصيدلانية في مختلف المعارض التي تم تنظيمها.. والحقيقة أن عدة خبراء استجابوا لمطلب الأشخاص الذين يتبعون نظاما في الحياة يراعي المعايير الصحية والبيئية، فكانت النتيجة منتجات من رحم البر والبحر أيضا.. عسل، زيوت، مستخلصات عشبية وطين أسود من عمق البحر الميت تستقطب اهتمام الفتيات المقبلات على الزواج، وكل السيدات اللواتي يبحثن في هذا الموسم عن طلة مميزة في المناسبات السعيدة وحماية أكيدة من أشعة الشمس الحارقة.. وعن هذه الرغبة في العودة إلى الطبيعة، ومدى الثقة في هذه المنتجات التي تعد بصحة أفضل كان النقاش. تواجه بشرتنا يوميا الكثير من العوامل الضارة الناتجة عن أشعة الشمس، الطقس، التلوث، الغبار والإرهاق، مما يؤدي إلى فقدانها رونقها وربما إصابتها بالبقع. لذا تحتاج إلى عناية أكثر في هذا الموسم.. وهو مطلب ملح في وسط العنصر النسوي وحتى في وسط بعض الرجال، لكن الطريق نحو هذا لم تعد تعبده منتجات التجميل الكيماوية بالضرورة بسبب الأضرار التي قد تنجم عنها، حيث طفت إلى السطح نزعة العودة على الطبيعة، ما أدى إلى ظهور بعض المنتجين في هذا المجال بالجزائر في السنوات الأخيرة. وتختلف منتجات التجميل الطبيعية المعروضة في المتاجر باختلاف المواد التي تدخل في تركيبها، ويأتي العسل في المقدمة. وإضافة إلى العسل، الزيوت والنباتات تنبعث الصحة والحياة في الأردن الشقيق من البحر الميت الغني بمياهه المعدنية حاملة النضارة، ما جعله بحر الحيوية والصحة والجمال.. والملفت للانتباه أن منتجات هذا البحر استقطبت اهتمام العديد.. وهو اهتمام وصل إلى الجزائر، حيث يأمل البعض أن تصبح منتجاته متوفرة في الجزائر. محدثتنا الأولى كانت سيدة التقتها ''المساء'' لدى زيارتها مؤخرا للصالون الوطني الأول للعسل ومنتجات الخلية، حيث كانت بصدد معاينة بعض مستحضرات التجميل الطبيعية المعروضة بأسعار تراوحت مابين 500 و800 دج.. تقول: ''أنا من مؤيدي فكرة العودة إلى الطبيعة موطن الصحة والجمال، حيث أخشى استخدام المواد التجميلية الكيماوية، خاصة وأن بشرتي حساسة.. لذا أعتمد عادة على نفسي في صنع أقنعة أساسها الفواكه المهروسة.. أنا الآن بصدد الاكتشاف فلم يسبق وأن صادفت هذا النوع من المنتجات''. وتضيف ''أعتقد أنه من المفيد أن تقتحم هذه المستحضرات الأسواق لترحمنا من أضرار الكيماويات." أما الآنسة ''صابرينة.ن'' محامية، فتصرح ''تستهويني كثيرا فكرة الاعتناء بالبشرة بالاعتماد على المواد الطبيعية التي تمنح الإشراقة والنضارة دون أذى.. لكن المشكلة هي أنني أسمع عن مستحضرات التجميل الطبيعة من خلال بعض الفضائيات دون أن أجد لها أثرا في حياتنا اليومية.. وعليه أكتفي بقناع العسل الطبيعي لتنظيف بشرة وجهي." "ليست الطبيعة بديلا، إنما هي الطب بعينه'' على هذا النحو تفكر الإعلامية ''سناء.س'' التي تتجنب مواد التجميل الكيماوية من منطلق أن كل ما هو مصنع مضر..وتفسر محدثتنا ''إن نزعة العودة إلى الطبيعة تطابق مقولة ''التاريخ يعيد نفسه''، بدليل أن القرن ال21 هو قرن العودة إلى الطبيعة، والعديد من المخابر الصيدلية تتوجه الآن نحو هذا الطريق.. لكن المشكلة المطروحة هي مستحضرات التجميل التي بدأ الترويج لها بعيدة فعلا عن التصنيع وآثاره السلبية؟.. أنا شخصيا لا أثق بأنها طبيعية مائة بالمائة، وأميل إلى اتباع وصفات الجدات المتوارثة." لكن الأمر يختلف تماما بالنسبة إلى السيدة ''جميلة''، مترجمة، التي تعشق مستحضرات التجميل الطبيعية.. إذا تشير جميلة التي تحلم بالسفر إلى لبنان أو الأردن أملا في الحصول على مستحضرات التجميل الطبيعية، لاسيما تلك المستخرجة من عمق البحر الميت إلى أنها تؤيد تماما منطق العودة إلى منتجات الطبيعة لإعادة اللياقة والحيوية لأجسادنا المنهكة من متاعب العمل وهموم الحياة''... وماذا عن احتمال دخول مواد كيماوية في تركيبة مستحضرات التجميل الطبيعية؟ تجيب السيدة جميلة ''لدي ثقة كاملة في مستحضرات التجميل الطبيعية، وعامل الثقة لدي هو تلك النضارة التي تبدو جلية على الوجوه في فضائيات الأردن ولبنان على سبيل المثال.. وأعتقد أن معالجتها وتعطيرها أمر ضروري لأنه لا يمكن استخدام بعض المستحضرات الطبيعية كمواد خام كونها منفرة.. فقليل من الكيماويات لا يضر."
منتجات ليست في متناول الجميع وبحوزتنا أيضا رأي النحالة ''حميدة مناد'' من الشلف التي جمعنا اللقاء بها بالقاعة متعددة الرياضات بالرويبة، حيث نظم مؤخرا الصالون الوطني الأول للعسل ومنتجات خلية النحل. تقول ''نساء كثيرات استفسرن عن طبيعة ومدى فاعلية الكريمات الطبيعية التي عرضت في الصالون، خاصة ما تعلق بالكريمات المعالجة للبقع، والتي كثيرا ما تتسبب فيها أشعة الشمس وأحيانا بعض مواد التجميل الكيماوية.. فتيات مقبلات على الزواج استقطبتهن مواد التجميل الطبيعية، لاسيما وأن الطلة الجميلة شرط أساسي يوم الزفاف." وتسجل النحالة أن الإقبال كان من طرف العنصر النسوي بالدرجة الأولى، حيث تعد هذه المواد بمثابة اكتشاف جديد بالنسبة للأغلبية، كونها لم تقتحم الأسواق إلا في السنوات الأخيرة وبنسبة ضئيلة، حيث تشكل المعارض فرصة لاكتشافها واقتنائها.. الجدير بالذكر - تتابع محدثتنا - أن علامات التردد جد بادية على الزبونات، لأن بعض مستحضرات التجميل معروضة بأسعار ليست في متناول الجميع، ما يجعل قرار الاقتناء محفوفا بالخوف من عدم فاعلية المنتوج. ولإثراء الموضوع سألنا بعض منتجات مواد التجميل الطبيعية.. وتوضح السيدة فايزة بوشارب وهي مهندسة في الفلاحة، أنها تخصصت في إنتاج مستحضرات التجميل الطبيعية منذ 13 سنة أساسها العسل، الزيوت، شمع النحل، الغذاء الملكي والعكبر.. أما الفكرة فقد سطعت في رأس زوجها الذي يعمل طبيبا مختصا في أمراض السرطان، وبعد سلسلة من البحوث الطبية وإخضاع المواد المستعملة للتحاليل لاختبار فاعليتها أثمرت التجربة إنتاج كريمات تغذي البشرة وترطبها وتحميها من اعتداء الشمس وما ينتج عنه من بقع وحروق، وكذا من بعض عوامل الزمن على غرار فترة الحمل التي تسبب للمرأة مشكلة الكلف (الدسة)، إضافة إلى منتجات علاجية للمشاكل الجلدية. وتلقى السيدة بوشارب في محلها الكائن بالبليدة إقبالا ملحوظا من طرف النسوة الراغبات في تجنب أضرار المواد الكيماوية، لكن هذا لا ينفي حقيقة أن بعض الرجال انضموا إلى مصاف النساء الراغبات في الحفاظ على شبابهن.
ما المانع من العودة إلى الطبيعة؟ من جهتها تطرح صاحبة مخبر النجاح السيدة نجاة بوسطيل، مختصة في البيولوجيا، عدة منتجات موجهة للتجميل والعلاج الطبيعي.. بداية المشوار كانت سنة 2005 حيث شرعت في انتاج مواد مضادة للتجاعيد، البقع والهالات السوداء وكريمات لقدم مريض السكري وأخرى شافية من الحروق. وفي اتصال هاتفي جاء على لسانها ''تولدت لدي فكرة إنتاج منتجات تجميلية جراء الآثار الضارة لمواد التجميل الكيماوية والتي قد تصل إلى حد الإصابة بسرطان الجلد، حيث أجري حاليا بحوثا في هذا المجال''..وتستطرد ''ما الذي يمنعنا من العودة إلى الطبيعة حاملة الصحة والجمال، طالما أن الجزائر تتوفر على كل ما يلزم ذلك بدءا بعسل النحل ومرورا بالزيوت وانتهاء بالنباتات." وعن قلة فرص العثور على هذه المنتجات تجيب ''أعتقد أن الأمر يتعلق بتوجه جديد بالنسبة لإنسان العصر الذي طغى التصنيع على مجالات حياته، حيث أن الاستثمار في هذا المجال ظهر بالجزائر في السنوات الأخيرة فقط، وعلى هذا الأساس لا ينتبه عامة الناس إلى تواجد هذه المنتجات على مستوى بعض الصيدليات''. وبخصوص الإقبال على منتجاتها التي تعرض في بعض الصيدليات على مستوى العاصمة، تيبازة وبعض ولايات الشرق، تكشف المختصة في علم الأحياء أنها تستقطب سكان العاصمة بالدرجة الأولى، ما دفعها إلى التفكير في نقل مخبرها من القليعة بتيبازة إلى العاصمة. وتعلق ''إنها مسألة وقت فقط، فعندما تروج فكرة وجود منتجات طبيعية ويكثر الاستثمار في هذا المجال، فلا شك أن الجميع سيهجرون المواد الكيماوية ويعودون إلى الطبيعة."
البحر الميت لإحياء الجمال ويشارك في الموضوع المهندس رياض أبو جسار من الأردن الشقيق، والذي التقت به ''المساء'' في معرض الجزائر الدولي في طبعته ال43 في جناح شركة الثروة لمنتجات البحر الميت.. يصرح ''إن هذه الشركة التي تأسست ما بين 2004 و2005 مختصة في إنتاج المنتجات الطبيعية لتجميل الوجه والجسد بالخصوص، إضافة إلى علاج الكثير من الأمراض على غرار الصدفية، الحساسية الاكزيما، المشاكل الجلدية والروماتيزم، كما تسمح مياه هذا البحر الذي يعد منطقة علاجية تخدم السياحة الطبية بتنشيط الدورة الدموية، علاوة على الاستجابة لمختلف الرغبات سواء لبث الحيوية في الأجساد المتعبة أو إعادة البريق إلى البشرة من خلال التدليك بالطين أو تحقيق اللياقة. وبحسب المهندس رياض أبو جسار فإن هناك إقبالا من طرف عدة دول أوروبية على منتجات تدرك البحر الميت، الذي اكتشف خبراء ألمان منذ حوالي 40 سنة فوائده.
مستحضرات بدون ضرر هل بلغت درجة الإقبال المستوى المطلوب؟ سؤال طرحناه على صيدلاني بشارع العربي بن مهيدي فأجاب أن منتجات التجميل الطبيعية ليست متوفرة في الوقت الراهن على مستوى كافة الصيدليات، لأن توجه العودة إلى الطبيعة الذي برز بشكل ملحوظ في المجال الطبي والتجميلي لم يصل إلى الجزائر إلا في السنوات الأخيرة، حيث أن انتشاره مسألة مرهونة بعامل الزمن.. لكن هذا لا ينفي أن الإقبال عليها أصبح ملحوظا على مستوى الصيدليات التي تتوفر عليها، خاصة من طرف النساء، نظرا للترويج الكبير لمسعى التوجه نحو المستحضرات الطبيعية سواء التجميلية أو الدوائية. ويؤكد الخبراء في الصحة عامة أنه ينبغي عند شراء مستحضرات التجميل الطبيعية تطبيق نفس المعايير المتبعة مع المستحضرات الأخرى، فيجب أولا تجربة هذه المنتجات حيث أصبحت عينات الاختبار متاحة في الصيدليات، وفي هذا الصدد يقول الخبراء إن أفضل طريقة لاختبار المنتج هي وضع الكريم على مرفق الذراع لمدة يومين أو ثلاثة، وهذه الطريقة تحدد بسرعة إذا ما كان المنتج مناسبا. وثمة مشكلة كبيرة وهي أن الكثير من المكونات الطبيعية مثل شمع النحل وزيت شجرة الشاي مثلا يمكن أن تسبب الحساسية لكثير من الأشخاص. وهذا يجعل من الضروري أن تدون الشركة المنتجة قائمة بأسماء المكونات على العبوة لتفادي مشاكل الحساسية.