فجر رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، قنبلة سياسية أخرى عندما اتهم أطرافا خارجية وأخرى داخلية بعرقلة التوصل إلى تسوية سياسية لحالة الاحتقان في العراق التي حالت إلى حد الآن دون تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.وهي تصريحات جاءت لتضاف إلى القنابل الموقوتة التي تهدد مستقبل هذا البلد بسبب الغموض الذي يكتنفه وتعدد أطراف معادلته وتضارب مواقفهم من النقيض إلى النقيض. فبعد أكثر من ثلاثة أشهر منذ اجراء الانتخابات النبايبة شهر مارس الماضي، خرج المالكي عن صمته للقول أن تدخلات إقليمية ودولية تمارسها أطراف داخلية وخارجية عقدت مسارات عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة . وأكد المالكي أن دخول العامل الإقليمي والدولي في مثل هذه المسألة التي تعد قضية داخلية تخص العراقيين دون سواهم، زاد من تعقيدها بدلا من المساهمة في إيجاد مخرج لها. واتهم ''من كانوا على رأس العملية السياسية بتسهيل مهمة هذه الأطراف في التدخل في الشأن الداخلي العراقي''. واذا كان المالكي لم يكشف عن هذه الجهات فإن تلميحاته كانت موجهة إلى الولاياتالمتحدة التي لم تخف امتعاضها من الوضع القائم في العراق، وطالبت كل فعالياته إلى الإسراع بالتوصل إلى حل بينهم وأيضا إلى دول الجوار مثل إيران والدول العربية الأخرى التي زارها إياد علاوي في الكثير من المرات. ولم يستثن المالكي من سيل انتقاداته حتى حلفاء قائمته ''دولة القانون'' من الأحزاب الشيعية الأخرى، التي قال أنه رفض مطالبهم ومنها مطالب الائتلاف الوطني الذي اشترط عليه تقديم تنازلات في موضوع تشكيل الحكومة مثلما رفض مطلب رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم بعقد طاولة للحوار. وأشار إلى أن ''عقد طاولة مستديرة دون أي ملامح لاتفاق سيكون مصيرها الفشل''، وذهب إلى حد التأكيد أن مثل هذه المائدة ستزيد الوضع تعقيدا حينما تفشل ''وهي فاشلة مائة بالمائة''. وجاءت تصريحات المالكي بعد أن فشلت مختلف الأحزاب والشخصيات السياسية العراقية في التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة جديدة رغم مرور ما يزيد على ثلاثة أشهر على الانتخابات العامة التي أجريت في السابع مارس الماضي. وجاءت خرجة المالكي في نفس الوقت الذي عادت فيه حرب السيارات الملغمة إلى مختلف المناطق العراقية، التي أكدت على عمق الأزمة وزادتها تعقيدا انفجار الوضع الاجتماعي الذي لم يعد يحتمل استمرار حالة الاحتقان السياسي وعدم تكفل الحكومة بانشغالات عامة العراقيين الذين ازداد وضعهم الاجتماعي سوءا. وقد اضطر في ظل هذا التململ الاجتماعي وزير الكهرباء العراقي كريم وحيد، إلى تقديم استقالته بعد المظاهرات العنيفة التي شهدتها مدينة البصرة قبل يومين على خلفية تذمر سكانها من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في وقت بلغت درجة الحرارة في جنوب العراق حوالي 47 درجة.