شرعت مجموعة من العائلات الفرنسية التي تتواجد قبور ذويها بالجزائر في رفع دعوى قضائية ضد الدولة الفرنسية، بخصوص تعرض هذه المقابر المسيحية إلى تدمير وتخريب عشوائي لمعالمها، وذلك في وقت تسارع فيه عائلات أخرى لترحيل رفاة ذويها المدفونين في الجزائر قبل الاستقلال إلى بلادهم الأصلي. وأوضح المحامي الفرنسي جاك كفانا المكلف من طرف العائلات المطالبة بمقاضاة الدولة الفرنسية أن ''عددا من العائلات سترفع دعاوى قضائية ضد الدولة الفرنسية أمام المجلس القضائي بتهمة اغتصاب المقابر وأخرى أمام الغرفة الإدارية''، مضيفا أن العائلات المتضررة وكلته للدفاع عن المقابر الفرنسية في الجزائر. ويقول كفانا أن عدد العائلات التي ستقاضي السلطات الفرنسية قد وصل إلى تسع عائلات حاليا، غير مستبعد في الوقت ذاته ارتفاع هذا العدد، نظرا لأن السلطات قد تركت مقابر الفرنسيين عرضة للفوضى، كما بين أن العائلات التي وكلته متفقة على الاحتجاج ضد سلوك الدولة الفرنسية تجاه موضوع مقابر الفرنسيين في الجزائر، ما يعني أن هذه العائلات لن تسكت خاصة وأنها تتهم فرنسا الرسمية ''ببتر ثلث مقبرة وهران من جانب واحد ودون استشارة العائلات المعنية''. ويأتي تحرك هذه العائلات بعدما جرى تعد فرنسي على مقابر موتاها في الجزائر بترخيص من ممثلي السلطة الفرنسية هناك، حيث تقول هذه العائلات إن الثلث المبتور من مقبرة وهران الكولونيالية تم بأيد فرنسية وباستعمال الرفش في نبش القبور رغم الحرمة التي توجب في هذه الحالة احترام الموتى أثناء نقل رفاتهم، خاصة وأن التعاليم المسيحية المحرفة ترفع من قدسية القبور وترسم عليه بعض المعتقدات التي لا يمكن للعائلات النصرانية المتدينة السكوت عنها في حالة المساس بها. ويكون المحامي جاك كافانا قد حل بالجزائر هذه الأيام على رأس وفد مكون من 15 عضوا يقدمون خلال هذه الفترة التي تسبق الاحتفالات بعيد المسيح بنحو شهرين من كل عام لزيارة قبور ذويهم، حيث يعملون على صيانة مقابر ذويهم المسيحيين من خلال التعاون مع الجمعية الخاصة بذوي المدفونين في جزائر ما قبل ,1962 وهي الجمعية التي سعت ابتداء من سنة 2001 إلى إقناع البلديات الفرنسية على توقيع اتفاقيات توأمة مع نظيراتها الجزائرية لصيانة المقابر المسيحية في الجزائر، غير أنه هذا المسعى لم يلق الاهتمام المطلوب من قبل شيوخ البلديات الفرنسية، باستثناء رئيسة بلدية مونبوليي ''هيلين موندرو'' التي وقعت اتفاقية توأمة مع بلدية تلمسان يتم بموجبها صيانة المقابر المسيحية واليهودية بالمنطقة. ويشار إلى أن الجزائر حرصت منذ استرجاعها لسيادتها على صيانة مقابر غير المسلمين، من خلال إعطاء الجمعيات الممثلة لهذه الديانات مسؤولية العناية بها وفقا لقوانين الجمهورية التي ينص دستورها على حماية حرية المعتقد، لذلك فقد كان أساقفة الكنائس هم من يتولون هذه المهمة في كثير من الأحيان دون الخروج عم ينص عليه القانون الجزائري.