إن فرنسا الاستعمارية لم تفلح طيلة 132 سنة في مسخ الشخصية الوطنية وتدجين المجتمع الجزائري رغم أنها دخلت الجزائر بشعار السيف في يد والانجيل في اليد الأخرى. ولطالما حلمت فرنسا بجزائر فرنسية غير أن حلمها تبخر أمام ضربات المقاومات الشعبية في جميع أنحاء البلاد حتى كللت بثورة التحرير المظفرة التي لقنت فرنسا والحلف الأطلسي الذي يقف وراءها درسا في الكفاح والاستماتة في الدفاع عن حرية الوطن وكرامة الشعب. والجزائر وهي تحيي اليوم عيد استقلالها إنما تحتفل بعيد ذاكرتها الشعبية المشبعة بالبطولات والتضحيات التي قدم فيها أبناء الأمة النفس قبل النفيس ليعيش الوطن حرا شامخا. وتذكر بالتالي زبانية الاستعمار ومخلفاته الاستعمارية بأن الجرائم البشعة التي اقترفت في الجزائر لم ولن تنسى مهما حاول أصحاب الفكر الاستعماري في فرنسا الرسمية اليوم طمسها أو التخفيف من وطأتها سواء بإنكارها أو بقوانين تمجيد الاستعمار وأنسنته. إن التاريخ لم يرحم قوى الاستعمار وهو لن يرحم الاستعمار الفرنسي مالم يرحم نفسه أولا بالاعتراف بالجرائم المقترفة ضد الإنسانية وضد الطبيعة، وثانيا بالاعتذار للضحايا وهم في هذا الحال الشعب الجزائري برمته ثم العمل على التكفير عن هذه الجرائم بالتعويض الجماعي والفردي للضحايا بما تنص عليه القوانين الدولية ومنها الفرنسية نفسها.