أحتضن رواق ديدوش مراد مؤخرا معرضا تشكيليا للفنان اغيلاس اسياخم قدم فيه عصارة تجربته الفنية التي برزت فيها معالم الألم ممزوجة باللون الداكن.يعيش هذا الفنان ريعان شبابه (من مواليد 1989) ومع ذلك تخفي ملامح وجهه حزنا عميقا ووقارا لا يتمتع به إلا من بلغ من العمر عتيا. اغيلاس يختلف عن أترابه من الشباب فعلى الرغم من ملمحه الأوروبي إلا أنه بعيد كل البعد عما يثير الشباب وهو يحب الهدوء والحياة البسيطة والأصالة ولا يستهويه صخب المدينة التي ولد فيها. يروي ل»المساء« بداياته مع الرسم إذ لم يكن وقتها يتعدى ال7 سنوات من العمر وهكذا استمرت التجربة حتى بلغ ال16 من العمر ليتوقف نهائيا عن الرسم ويدخل عالم الحزن بعد وفاة والده ليعيش مع والدته ظروفا إجتماعية قاسية يبدو أنها كانت سببا في صقل شخصيته الحزينة، بعدها أحس أن ألوانه تستعطفه كي يعود إليها وبالفعل راوده الحنين لينجز عدة لوحات شاركته آلامه التي عاشها مبكرا، يقول »وجدت نفسي أنجز لوحات تتضمن رموزا قد لا يفهمها غيري«. من جهة أخرى فإن هذا الفنان لا يتحكم في الأوقات التي يقرر فيها الرسم إذ يجد نفسه يرسم أحيانا لا إراديا مع بزوغ فكرة ما في مخيلته، أو أثناء شعور ما، أو في الليل وحتى مع حركة يد لاإرادية. من يقف أمام لوحات اغيلاس سرعان ما يدرك أنه أمام لوحات الراحل اسياخم إذ تبرز نفس التقنيات ونفس الروح وفي هذا الخصوص يقول اغيلاس »كل من يرى لوحاتي يربطها بلوحات اسياخم وهذا صحيح فأنا تأثرت لاإراديا بهذا الفنان الذي هو عم أمي والذي أحبه كثيرا«. تشكل المرأة جانبا مهما من معرض أغيلاس علما أنه لا يحرص على تصوير جمالها بقدر ما يستعرض كل أوجه نضالها يقول في هذا الشأن أحرص على إظهار المرأة الجزائرية الأصيلة الطيبة التي تستمد عطاءها وقوتها من قلبها الحنون الأبيض والحريصة على حفظ تقاليدنا وشرفنا، فمثلا لوحة »يما (أمي) أبرز تضحية المرأة منها تضحيات والدتي الحنون والتي تظل رغم الصعاب واقفة صامدة تعطي دون مقابل وفي الخفاء، تتجاهل نفسها وحقها في الحياة، تناول الفنان مواضيع أخرى في لوحاته التي تغلب عليها الألوان الداكنة كالأزرق والأخضر والأحمر والأسود والرمادي، منها لوحة عن »فلسطين«، »شعب المايا«، »فكر حزين«، »الصدمة«، »العاصمة«، »شلل«، »ألم«، »غياب ذراع حديدي«. »الهوية الضائعة«، »قلب محطم« وغيرها علما أن المعرض ضم 38 لوحة مرسومة و14 لوحة بتقنية الطباعة. من بين الفنانين الذين تأثر بهم اغيلاس اسياخم وخدة ومسلي وقد اكتشف اعمالهم التي تشبهه إلى حد كبير، في حديثه ل»المساء« أكد هذا الشاب أنه لم يلق التشجيع الكافي لكنه يتمنى أن يلتحق بمدرسة الفنون الجميلة لكسب تقنيات أكثر والاستفادة من أساتذة ومؤطرين خبراء. للتذكير فإن اسياخم طالب بمعهد الفنون المطبعية ببئر مراد رايس وقد أقام عدة معارض منها معرض بدار الثقافة بأزفون ومعرض آخر بأحد المعاهد الوطنية بالعاصمة.