تحوّلت الفضاءات الغابية ببرج الكيفان إلى مرافق استجمامية هامة خلال هذا الصيف الحار، والفضل في ذلك لبرنامج وزارة الفلاحة الخاص بحماية وإعادة الاعتبار لهذه المساحات، حيث تمّ تسييجها وتزويدها بمختلف وسائل الترفيه واللعب للأطفال، وبذلك تكون قد حافظت على نوع من أملاكها واستغلاله في الصالح العام، بعد أن كاد الإسمنت المسلح والبناءات الفوضوية أن تستولي عليها، وتشوّهها. تمكنت مصالح الغابات لولاية الجزائر منذ عدة أشهر من إعادة الاعتبار لثلاث مساحات غابية هي غابة بن مراد، غابة إسطنبول وغابة فايزي التي ظهرت بحلّة جديدة ووسائل هامة لتمكين الأطفال من اللعب والاستجمام، بعد أن كانت تغزوها الأحراش والنتوءات وجذوع وأغصان الأشجار اليابسة، وقد كانت هذه الجهود محل ارتياح المواطنين، لاسيما السكان المجاورين الذين ذكروا أنهم تخلصوا من الإهمال الذي طال هذه المساحات المغطاة بأشجار الصنوبر. وحسب بعض المواطنين، فالسور الجديد زاد من قيمة الفضاء ووفر له حماية من المنحرفين الذين كانوا يتسلّلون من أي مكان، عكس هذه الأيام التي يوجد فيه خلالها منفذاً واحداً لا يدخله إلاّ من يقصد المكان للاستجمام. والزائر لغابات حي إسطنبول، بن مراد أو فايزي يلاحظ الإقبال الكبير للعائلات التي تبدأ في التوافد بعد صلاة العصر، حيث يملأ الممارسون للرياضة المكان في مشهد مليء بالحيوية والنشاط، ومن المناظر الجميلة أن نرى مسنين ينافسون الشباب في رياضة العدو وإزالة الدهون، فيما يقوم آخرون بعد عملية الإحماء والجري بتنظيم مقابلات في كرة القدم، يحاكيهم في ذلك الأطفال الذين يتدفقون على المكان لسببين إثنين، أولهما وسائل الترفيه كالأرجوحات والمزحلقات والسلاسم التي تستقطب عدداً هائلا من الصغار، وكذلك من أجل تقاذف الكرة المستديرة. وتعدّ غابة إسطنبول الأكثر استقطاباً للرواد، وذلك لكونها تقع على حافة الطريق المؤدي إلى شاطئ الباخرة المحطمة. وحسبما لاحظناه بعين المكان، فإن الأولياء يصطحبون أبناءهم ويساعدونهم في استعمال الأرجوحات وتجهيزات اللعب والتسلية، فيما يتسابق آخرون ويمرحون وسط الأشجار الوارفة الظلال والأراضي المنبسطة المغطاة بالأوراق الذابلة. وذكر لنا ''فريد.س'' القاطن بجوار غابة فايزي، أنه يصطحب إبنتيه وإبنه الصغار عندما يعود إلى المنزل مبكراً بعد يوم من العمل، قائلاً إنه يضرب عصفورين بحجر واحد فهو يستريح من نصب العمل وضجيج المدينة، وسط هواء منعش وهدوء مضمون، ويمكّن فلذات كبده من اللعب وتطليق أجواء الدار والحي الضيق. أما ''رفيق.د'' فهو أكبر الأبناء، يقطن بحي الدوم المحاذي لحي فايزي، يرافق إخوته الأربعة نحو غابة فايزي التي تستقطب أبناء الأحياء المجاورة مثل قهوة شرقي، سيدي ادريس وغيرها، وحسبه فإن الأمهات لا يجدن حرجاً في توجيه أبنائهم نحو الغابة، عكس الذهاب إلى البحر المحفوف بمخاطر الغرق، مشيراً إلى أنه أصبح مداوماً على لعب الكرة واستدعاء أبناء الحي للمشاركة والاستمتاع بأجواء الغابة. وأكد أحد المواطنين أن غابة إسطنبول صارت ملاذاً للعائلات المصطافة التي تكمل يومها بالغابات، ولا يغادرونها إلاّ عندما تغيب الشمس، حيث تجد النسوة ضالتهن في الجلوس تحت الظلال يراقبن أبناءهن وهم يلعبون ويمرحون، لكن النقائص الواجب تداركها هو أن هذه المرافق الهامة لا تتوفر على أماكن مريحة وكراسي للجلوس، وبالتالي مطالبة الجهات المعنية بتوفيرها، لضمان راحة المواطنين-.