عادت أطراف يمينية في فرنسا إلى احياء قانون 23 فيفري 2005 الممجد للاستعمار من خلال تقديم مقترحات تعديل هذا التشريع على نحو يمنح حماية قانونية للحركى ويصنف التعرض لهم سواء من خلال الصحافة أو أية وسيلة أخرى في خانة المساس بهم. واقترح أعضاء في مجلس الشيوخ الفرنسي تعديلات على قانون العار الممجد للاستعمار تصب في سياق اتخاذ إجراءات عقابية تصل الى حد السجن النافذ في حق كل من يسب أو يشتم فئة الحركى أو كل الذين عملوا في صفوف الجيش الفرنسي من الجزائريين أثناء الاستعمار الفرنسي للجزائر وخاصة أثناء الثورة التحريرية 1954-.1962 وفي خطوة استفزازية جديدة من أعضاء حزب الأغلبية الشعبية الحاكم في فرنسا تجاه الجزائر، أظهر شكل النقاش الذي دار بين السيد هوبر فالكو كاتب الدولة الفرنسي لقدماء المحاربين ومندوبي أصحاب التعديلات في 29 جويلية الماضي بمجلس الشيوخ توجها يضاف إلى الخطوات السابقة لليمين الفرنسي بغرض تمجيد التواجد الاستعماري الفرنسي في الجزائر ولكن هذه المرة من خلال إعادة النظر في كيفية حماية الحركى. واقترح عضو مجلس الأمة ريمون كودارك رفقة 45 عضوا آخر من المجلس تعديلا على المادة الخامسة من قانون تمجيد الاستعمار وناقشوه في جلسة خاصة مع كاتب الدولة لقدماء المحاربين قبل أسبوعين، ويقترح التعديل إضافة مادة جديدة هي المادة ''5-''1 ويقضي بفرض غرامات مالية تصل قيمتها الى 45 ألف اورو وعقوبة السجن سنة نافذة لمن ثبت في حقه إصدار شتائم في حق الحركى. ويمكن بموجب التعديل حسب المقترح الجديد لجميعات الحركى التأسس كطرف مدني في أية قضايا ترفع بهذا الخصوص. وبرر مندبو التعديل الجديد مقترحهم بضرورة حماية الحركى من ''كل أنواع التجريح'' وهي نفس المبررات التي قدمت من طرف المشرعين الفرنسيين في سن قانون مثير للجدل أيضا ينص على المتابعة القضائية ضد كل من يشك في صحة ما يعرف ب ''المحرقة اليهودية''. وفي محاولة لإيجاد سن قانوني في التشريع الفرنسي للتعديل الجديد فقد ركز أصحاب مقترح التعديل على أحكام المادتين 32 و33 من قانون 1881 المعدل في 2004 والخاص بمخالفات الصحافة وتقضي المادة الأولى بفرض غرامة مالية تصل قيمتها الى 45 ألف اورو لمن يصدر شتائم في حق مجموعة دينية أو عرقية وعقوبة سجن سنة نافذة أو إحدى العقوبتين. ويمكن بموجب هذا الاقتراح للحركى أو أبنائهم متابعة أي من المؤرخين أو السياسيين أو الأشخاص العاديين الذين يصدرون اتهامات في حقهم بالعمالة. وأظهرت جلسة 29 جويلية الماضي ان الحكومة الفرنسية الحالية التي يقودها السيد فرانسوا فيون تتقاسم نفس الرؤية فيما يخص هذا الموضوع مع أعضاء مجلس الشيوخ وهو ما عبر عنه كاتب الدولة المكلف بقدماء المحاربين في تلك الجلسة، حيث أكد ان الحكومة الفرنسية ''تدعم مقترح تعديل القانون''. ويعد هذا التوجه محاولة استفزازية جديدة تجاه الجزائر خاصة وأنها تأتي في وقت كان فيه كافة المتتبعين يعتقدون ان إلغاء الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون العار الممجد للاستعمار التي أقرها الرئيس السابق جاك شيراك قد اقنع اليمين الفرنسي وبعض الأوساط المتطرفة بأن ما يقدمون عليه هو مجرد محاولة لتغليط الرأي العام الفرنسي أولا قبل الرأي العام الدولي وخاصة في المستعمرات الفرنسية السابقة. وكان الرئيس شيراك أمر بإلغاء الفقرة الثانية من المادة الرابعة من ذلك القانون والتي تشير الى الوجه الحضاري للاستعمار الفرنسي في مستعمراته السابقة وخاصة في شمال إفريقيا. ولكن يبدو ان الخطوة الجديدة تندرج في سياق التحامل على الجزائر من جهة والإبقاء على خصوصية العلاقات الثنائية في ظل توترها في الجانب التاريخي من جهة أخرى. ورغم ان البعض يصنف هذا التحرك اليميني في سياق الدخول في حملة انتخابية مسبقة في باريس تحسبا للاستحقاقات المقررة بعد سنة ونصف إلا ان إصرار اليمين على التحرك و''اللعب'' على وتر التاريخ المشترك بين الجزائروفرنسا سيجعل أمر تجاهل الجانب التاريخي في بناء وتعزيز التعاون الثنائي أمرا غير ممكن، علما ان مقترح التعديل الجديد يفتح المجال أمام متابعات قضائية كثيرة في حق الكثيرين وخصوصا ان الحركي مرادف في الخطاب المتداول للعميل والخائن ويستعمل على نطاق واسع في الصحافة الوطنية الجزائرية وفي الأوساط الشعبية ولدى بعض الرسميين.