دخل الرئيس الفلسطيني محمود عباس والوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في قبضة حديدية حول جدوى استئناف مفاوضات السلام المباشرة من عدمه.ففي الوقت الذي أكد فيه الرئيس الفلسطيني أنه مستعد للدخول في هذه المفاوضات متى توفرت شروط ذلك في إشارة إلى ضرورة قبول حكومة الاحتلال برسم حدود الدولة الفلسطينية المستقلة ومسائل الأمن ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى مطالبة الجانب الفلسطيني بالدخول فورا في هذه المفاوضات و''دون أي تأخير''. وقال نتانياهو بلغة الأمر الناهي أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكنيست الإسرائيلي انه يتعين الدخول ودون أي تأخير في مفاوضات مباشرة ودافع عن موقفه بدعوى التوافق في الروئ الحاصل بينه وبين الإدارة الأمريكية في هذا الشأن. ويكون الوزير الأول الإسرائيلي بذلك قد ألغى الطرف الفلسطيني المعني الأول بهذه المفاوضات والذي يبقى وفق منظوره مجرد منفذ لما تقوله إسرائيل والإدارة الأمريكية. موقف يؤكد أن إسرائيل تريد البدء في هذه المفاوضات ليس لتحريك عملية السلام ولكن من أجل فرض منطقها وإملاء شروطها على الفلسطينيين ضمن استراتجية الأمر الواقع التي فرضتها على الأرض من خلال عمليات الاستيطان المتواصلة والتهجير القسري للفلسطينيين من القدسالمحتلة والاستيلاء على منازلهم. ويتأكد من اللغة المستعملة في تصريحات الوزير الأول الإسرائيلي أنه يريد ممارسة مزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني لإرغامه على العودة إلى طاولة المفاوضات المباشرة دون ضمانات مسبقة كما طلب بذلك الرئيس الفلسطيني كشرط مسبق من أجل العودة إلى الطاولة. وهو ما جعله يتهم السلطة الفلسطينية بمحاولة التماطل في الشروع في المفاوضات المباشرة وقال بلغة الجانح إلى السلام والباحث عنه ''نحن مستعدون لدخولها بداية من الأسبوع القادم'' في رسالة ضغط واضحة على الرئيس الفلسطيني. ولم يكتف نتانياهو بذلك فقط بل راح يلوح وينتقد الرئيس عباس لأنه لجأ إلى الجامعة العربية للحصول على دعم موقفه. وقد اختار الوزير الأول الإسرائيلي توقيت خرجته الإعلامية الذي جاء يومين قبل اجتماع جامعة الدول العربية المقرر ليوم الخميس القادم بالعاصمة المصرية من أجل اتخاذ موقف عربي موحد من مسألة المفاوضات المباشرة. وينتظر أن يقوم الرئيس عباس خلال هذا الاجتماع بإبلاغ أعضائها بنتائج المفاوضات غير المباشرة التي بدأت منذ شهر مارس الماضي عبر موفد السلام الأمريكي جورج ميتشل وانتهت باعتراف هذا الأخير إلى نتيجة صفرية. وكثف الرئيس عباس في الأيام الأخيرة من زياراته المكوكية إلى عدة عواصم إقليمية ودولية من اجل الدفاع عن موقفه قصد الحصول على تأييد دولي لمطالبه ختمها أمس بمحادثات مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني العائد هو الآخر من زيارة إلى الولاياتالمتحدة حيث التقى بالرئيس الأمريكي باراك أوباما وبحث معه مسار السلام ومسألة المفاوضات المباشرة التي تريد واشنطن تمريرها في انقلاب على موقفها الداعي إلى تهيئة أجوائها بمفاوضات غير مباشرة لإذابة الجليد العالق في علاقات الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ العدوان على قطاع غزة نهاية سنة .2008