الإنشاد الديني ليس بالفن الجديد والمبتدع بالنسبة للمجتمعات الاسلامية عامة والمجتمع الجزائري خاصة، فالمديح الديني هو من الذكر ويدخل في دائرة العبادات والتقرب الى الله بالصلاة على نبيه وذكر فضله وشمائله وما أنعم به الله عليه من الرسالة التي حمله إياها للناس كافة وفضله على سائر خلقه بالشفاعة والوسيلة والحوض وقرن اسمه باسمه في الشهادة ومن اسمه شق اسمه فالله المحمود والرسول أحمد الحامد. وما إحياء ليالي رمضان بالانشاد الديني إلا فضيلة أخرى من فضائل الصوم، حيث تجتمع شريحة من الناس لتستمع للمديح ومحاسن الرسول من أصوات عذبة وقلوب متعلقة بحب المصطفى فكانت ليلة الأحد ليلة من ليالي الأطلس المديحية. مدينة وهران هي الأخرى كبقية المدن الجزائرية لها طقوسها الفنية والاحتفالية وها هي وهران تحمل تقاليدها وأصواتها وتأتي للعاصمة لترطب ليلها بالصلاة على الرسول بالصوت الجميل والكلمة العذبة الأخاذة التي ينتشر منها عبق الذكر والصلاة والتسبيح، فرقة العروة الوثقى الوهرانية أطربت بإنشادها الاسماع وابتلت بطراوة أصوات بلابلها القلوب والأذواق برئاسة المنشد جلول. الفرقة الوهرانية لم تبخل على الجمهور العاصمي بما قدمته له من أناشيد ومدائح ونغم، بل تجاوزت بكرمها أن جاءت معها بدرة فريدة وصوت نادر من بلبل أول ما جرب التحليق والسمو كان بالذكر والصلاة على النبي، انه الطفل الموهبة المعتصم بالله العربي 13 سنة من عمره وهو لا يزال برعما تفتح شذاه وتلألأ نداه فأنشد وأطرب وتغنى بمحاسن الرسول وفضائله. بدأت فرقة العروة الوثقى في إنشادها بمديح ''سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم، رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا ومحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا''. ثم بدأت الفرقة بذكر مآثر شهر رمضان شهر الفرقان والقرآن الذي تنزلت ومازالت تتنزل في لياليه الملائكة، شهر الذي يرحم الله فيه عباده ويغفر لهم ويعتقهم من النار، هذا الشهر الذي يحسن فيه الناس لبعضهم البعض فتكثر فيه الصدقات والمكرومات والتراحم والتواصل والتصافح وهذا لله بفضل شهر رمضان شهر المغفرة. ثم أنشدت الفرقة مديح: ''يا محمد أنت سيدي.. صلى الله عليك.. من صلى الله عليك في الدنيا يديها غفران، يوم الحشر كلها تلقاك... الشفاعة ترجاك.. حبك ورضاك''. كما كانت الوصلة الثالثة للفرقة ابتهالات ''سبحان الله.. الله.. الله.. ما كاين غير الله'' والوصلة الرابعة خصتها لتارك الصلاة ''لا إله إلا الله أكبر.. قم صلّ وخزي الشيطان.. تارك الصلاة ديما في غبينة.. والمصلي يخدم للجنة''. أما الوصلة الخامسة فقد خصتها للصلاة على النبي: ''الصلاة على النبي الهادي.. سيدنا محمد يا ضو القمر.. الناس تمشيلوا بالمال.. وأنا على رجليا''. ولم تنس الفرقة الوهرانية العروة الوثقى اخواننا في مدينة غزة المكابرة المحاصرة ''غزة لحنينة.. ونعاون خونا تحت الحصار والنار.. ولي مات شهيد حي في ذيك الدار''. الطفل المعتصم بالله العربي أنشد بصوته الشذي مديح: ''صلي ياربي وسلم على النبي خير البرية.. خير خلق الله طه.. مثل شمس في ضحاها.. خير الرسل الله أحمد... كل من يلقاه يسعد.. حوضه صافي مبرد للي يعشق محمد.. هذه الدنيا ساعة فاجعل الأعمال طاعة.. واشتري بها بضاعة.. أوراد النبي محمد''. بهذا الصوت الملائكي العذب اختتمت فرقة العروة الوثقى وصلاتها العبقة لتتقدم بعدها فرقة الإسراء من المدنية بالعاصمة التي رافقت المنشد العراقي في مواويله وابتهالاته، ففرقة الاسراء لمدح خير الانبياء رافقت المنشد مروان الصباح حيث استهل انشاده بتحية خاصة للجزائر من مدينة السلام وأرض الكرام العراق، حيث عبر عن سروره بوجوده في أرض الجزائر وغنى موال ''بغداد والجزائر'' الذي بدأه ب''آه ياعين عراقي الهوى والنبض والنسب.. أنخت الرحل عند أكارم العرب.. وأطلقت المقام هنا عراقيا للحبيبتي الجزائر وأهلها النجب.. تلاقينا مع الأحباب في وطن له شبه ببغداد مع الحب يا أهل الجزائر ياكرام''. كانت ليلة رمضانية وهي من الليالي التي برمجها، بمباركة وزارة الثقافة، الديوان الوطني للثقافة والإعلام في الأيام، الأربعاء، الخميس، الجمعة السبت، طيلة شهر رمضان وإلى غاية 16 سبتمبر المقبل فدامت ليالي رمضانية للعبادة وللمناجاة والكلمات الطيبة والانشاد العذب بقاعة الأطلس.