بمباركة وزارة الثقافة وتنظيم الديوان الوطني للثقافة والإعلام تم إشعال ليلة الخميس والجمعة بقاعة الأطلس بباب الوادي فوانيس الانشاد الرمضانية زينها منشد الشام الشيخ أبو محمود الترمذي وسط باقة من فرقة الوصال (سكيكدة) لتكون ليلة مناجاة الحبيب بأطيب الأشعار وأعذب الألحان وأصفى الأصوات في شهر هو خير الشهور بدايته رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار. بحلول شهر رمضان المبارك والذي صنع وما يزال يصنع خصائص جماله في المجتمع الجزائري ويعطيه الميزة والنكهة، بدأت ليالي التراث والموشح بقاعة الأطلس التي انطلقت ليلة الأربعاء 18 أوت وتستمر لغاية 16 سبتمبر القادم، وكانت بدايتها مع فرقة الوصال السكيكدية وشيخ المنشدين الأستاذ أبو محمود الترمذي الحلبي الشامي. الانشاد الديني أو السماع هو ترطيب النفوس وتطويعها للاقبال على السمو والتعالي إلى ملكوت النور حيث البشرى مصداقا لقوله تعالى: »فبشر عباد الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه« والقول هنا يقتضي التعميم باتباع الأحسن، وقوله تعالى »فهم في روضة يحبرون« جاء في التفسير أنه السماع، والسماع هو سماع الأشعار بالألحان الطيبة فهو مباح لأن الأشعار انشدت بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم فقد استعان الصحابة رضوان الله عليهم في حفر الخندق لتخفيف العناء والمشقة بالانشاد حين كانوا ينشدون جماعيا ''نحن الذين بايعوا محمدا... على الجهاد ما بقينا أبدا''. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرد عليهم: ''اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة... فارحم الأنصار والمهاجرة''. قاعة الأطلس تطيبت بعطر الانشاد الديني في وصلات انشادية مع فرقة الوصال من سكيكدة تحت اشراف عزيز لوصيف حيث حلقت بالمستعمين في سموات رمضانية روحية واستحضرت في تألقها الكلام الجميل والصوت العذب لتمسح عن النفوس صدأها وترحل بها بعيدا حيث الصفاء والنور. أما شيخ المنشدين أبو محمود الترميذي من سوريا فقد بدأ توشيحه بقصيد ''يا أجمل الأنبياء'' و''ذاب الفؤاد جوا... وفيك كل ما أرى حسن.. مذ مارأيت وجهك الحسن.. جل من به عليك من. كما انشدت فرقة الوصال ''أديلي سلامي يارايح للحرم'' و''عليك صلاة الله وسلامه يا جد الحسنين''. أما الليلة الثانية من ليالي التراث والموشح بقاعة الأطلس فكانت من تطييب فرقتي ''الصفاء'' من مدينة الورود البليدة و''العلى'' من وادي العلايق بالبليدة. فرقة الصفاء فقد استهلت الليلة بتهليلات وتسبيحات ''قد دعوتك مرة.. بل مرتين.. بل مرارا لست أدري.. الله حي واحد أحد.. الله رب قائم صدم.. الله لم يولد ولا يلد.. الله لا خلق يعادله... الله لا انس يجادله.. الله لاند يطاوله... الله لا شيء يماثله. وبعد هذه التسبيحات الصوفية أنشدت الفرقة مديح ''باسم الله نبدأ كلامي ونصلي ونسلم على النبي المختار''. كما أنشدت مديح ''زاد النبي وفرحنا به'' و''ياكعبة يا بيت ربي محلاك.. والسلام على الخليل ألي بناك'' كما أنشدت قصيد ''ربي قصدت وجهك.. وماقصدت غيرك... فارحم الهي عبدك.. فالفضل منك ولك''. ومن جانبها فرقة ''نسمات العلى'' لواد العلايق من البليدة هي الأخرى طيبت وأطربت بشذى المدائح الدينية والصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم فأنشدت بألحان حوزية جزائرية معاصرة ''مولاي صلى على محمد'' وموال: ''بك يا محمد تشرق الآفاق ياخير نور أبدع الخلاق يا من به ختم النبوة ربنا وتكاملت بكماله الأخلاق'' كما أطرت الجمهور الحاضر بمديح: ''صلوا ياهل الكمال... على النبي باهي الجمال من حوى كل المعال... قدره مازال عال'' ليالي الأطلس الرمضانية حضرت فيها أيضا أشعار أقطاب الصوفية مثل أشعار رابعه العدوية ''أحبك حبين حب الهوى.. وحبا لأنك أهل لذاك''. وتستمر ليالي المديح الديني التراثي الذي يعد من تقاليد هذه الأمة في تعلقها بنبيها المصطفى الذي تميزت به ووهبها الله خير المادحين والشعراء أمثال الشيخ الامام محمد البصيري الذي هو متدفق من دماء جزائرية وسيدي لخضر بن خلوف وعشرات الشعراء الذين تغنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم وستستمر هذه السهرات طيلة ليالي رمضان والى غاية 16 سبتمبر المقبل.