استفاق العراق أمس على وقع سلسلة تفجيرات دامية استهدفت مراكز أمنية وعسكرية وحواجز تفتيش في أكثر من عشر مدن في مختلف أنحاء البلاد خلفت مقتل 52 شخصا وإصابة 280 آخرين غالبيتهم العظمى من عناصر الأمن في حصيلة تبقى مرشحة للارتفاع بسبب خطورة الإصابات. وجاءت هذه الهجمات المنسقة والناجمة عن انفجار سيارات مفخخة وقنابل متزامنة وموحدة الأهداف في رسائل واضحة من قبل الجماعات المسلحة النشطة في العراق بقدرتها على الضرب متى أرادت وفي أي مكان وضد الأهداف التي تريد. وافتتحت سلسله الهجمات بتفجير دموي استهدف مدينة الكوت الواقعة 160 كلم جنوب شرق بغداد أدى الى سقوط 20 قتيلا من بينهم 15 شرطيا وخمسة مدنيين وإصابة ما لا يقل عن 90 آخرين. قبل أن يهز انفجار سيارة مفخخة مركزا آخر للشرطة بحي القاهرة بالعاصمة بغداد خلف مقتل 15 شخصا وإصابة 58 آخرين من بينهم عدد كبير من المدنيين وتضرر العديد من المنازل الواقعة على مقربة من المركز الامني. ونفس المشهد عاشته مدينة المقدادية بمحافظة ديالى المتوترة في شمال شرق-بغداد اثر انفجار سيارة مفخخة لحظة مرور دورية للشرطة أدى الى مقتل ثلاثة مدنيين تلاه تفجير ثاني لحظة وصول عناصر الجيش الى مكان الحادث مما تسبب في إصابة ستة عسكريين. كما انفجرت عدة سيارات مفخخة في كل من الموصل وكركوك بالشمال والبصرة في أقصى الجنوب والرمادي بالغرب والفلوجة ودوجيل بالوسط ومدينة كربلاء الواقعة 110 كلم جنوب العاصمة بغداد متسببة في سقوط المزيد من القتلى والجرحى. وتعد عناصر الأمن وقوات الجيش في الأشهر الأخيرة من بين أهم الأهداف المفضلة للجماعات المسلحة التي كثفت من هجماتها وعملياتها الانتحارية ضد المقار والهيئات الأمنية العراقية في رسالة ترهيب باتجاه العراقيين الراغبين في الانضمام الى هذه الهيئات. ويعيد مثل هذا التنسيق في تنفيذ هذه التفجيرات واستهدافها للأجهزة الأمنية العراقية طرح التساؤل القديم المتجدد حول قدرة القوات العراقية في بسط الأمن وهي التي كانت استندت في عملياتها السابقة الى دعم نظيرتها الامريكية. ويعاد طرح هذا التساؤل بقوة خاصة وان تفجيرات أمس جاءت قبل أسبوع من انسحاب آخر الوحدات القتالية الأمريكية من العراق لتجد القوات العراقية نفسها منفردة في مواجهة موجة عنف متجددة أعادت لأذهان العراقيين الفترات العصيبة التي عاشوها ما بين سنتي 2006 و2007 والتي كانت فيه المقاومة العراقية في أوج قوتها.وهو وضع أثار مخاوف حتى قائد هيئة أركان الجيش العراقي الجنرال بابكر زيباري الذي كان اعترف قبل أيام بعدم جاهزية قواته لتحمل مسؤولياتها الأمنية قبل عام .2020 مخاوف شاركه فيها نسبة كبيرة من أبناء الشعب العراقي الذين اعتبروا أن انسحاب القوات الامريكية في وقت زاد فيه الوضع الأمني تدهورا في بلادهم جاء في غير محله وأكثر من ذلك فهناك من القادة السياسيين من اعتبر أن واشنطن وبتنفيذها لعملية الانسحاب تكون قد تخلت عن العراق وهو في مفترق الطرق بعدما كانت وعدت ببناء عراق ديمقراطي مستقر وآمن . كما تزامنت مع إعلان الجيش الأمريكي عن خفض قواته في العراق الى اقل من 50 ألف جندي والذين سيتم سحبهم كليا مع نهاية عام 2011 وفقا لاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن شهر نوفمبر .2009 ومن المقرر أن يعلن الرئيس الأمريكي باراك اوباما الثلاثاء المقبل رسميا نهاية مهمة القوات المقاتلة في العراق بعد سبعة أعوام من سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين على يد القوات الدولية بقيادة الولاياتالمتحدة.