عاش العراق أمس يوما داميا آخر بمقتل 34 شخصا وإصابة 129 آخرين في سلسلة تفجيرات بالسيارات المفخخة استهدفت عددا من الأسواق الشعبية في العاصمة بغداد أعادت إلى أذهان العراقيين فترة ذروة العنف التي عايشوها مابين سنتي 2006 و2007. وانفجرت أربع سيارات مفخخة في الساعات الأولى من صباح أمس تلاها تفجيران آخران بفارق زمني بسيط. وخلف التفجير الأول الذي استهدف سوق الجملة بحي العلاوي في قلب العاصمة بغداد مصرع أربعة أشخاص و15 جريحا معظمهم من عمال البناء الذين كانوا ينتظرون تشغيلهم، في حين استهدف التفجير الثاني موكبا لمسؤول سام في وزارة الداخلية بمنطقة الجديدةجنوب شرق بغداد أسفر عن سقوط قتيلين احدهما شرطي والآخر مدني وإصابة ستة أفراد من عناصر الشرطة. غير أن اعنف تفجير كان ذلك الذي استهدف سوقا لبيع الجملة بحي الصدر أحد أهم معاقل الطائفة الشيعية في بغداد والذي عانى كثيرا من التفجيرات الانتحارية الدامية وخلف مصرع 10 أشخاص من بينهم امرأتين وجرح 65 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، كما انفجرت سيارة مفخخة أخرى في شمال شرق بغداد واستهدفت أيضا سوقا شعبية خلفت مقتل أربعة أشخاص وإصابة 20 آخرين. ويشهد العراق في الفترة الأخيرة تصعيدا خطيرا لوتيرة العنف بعدما كانت تقارير أمنية وتصريحات مسؤولين عراقيين وعسكريين أمريكيين أشارت إلى أن الوضع الأمني في هذا البلد يتجه نحو التحسن التدريجي بفضل الخطط الأمنية التي اعتمدتها الحكومة العراقية بالتعاون مع القوات الأمريكية. ودحضت هذه التفجيرات كل حديث عن تحسن الوضع الأمني في بلد لم يعرف طعما للأمن والاستقرار منذ احتلاله عام 2003. غير أن القيادة الأمريكية في العراق اعتبرت أن فرع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين لا يزال يحتفظ بقدرته على تنفيذ الهجمات المسلحة بالرغم من إضعافه من خلال الخطط الأمنية التي اعتمدتها قوات التحالف بالتعاون مع نظيراتها العراقية والضربات التي تلقتها أثناء العمليات العسكرية الواسعة النطاق التي نفذها الجيش العراقي . وهو ما جعل هذه القيادة تقر بعدم قدرة القوات العراقية في الوقت الراهن على التصدي لهجمات القاعدة ولا يزال أمامها الكثير من العمل لتكون على استعداد تام لأداء مهامها الأمنية وضمان الأمن في كامل أنحاء العراق. ثم إن هذه التفجيرات تزامنت مع بدإ التحضيرات للانسحاب القوات الأمريكية من داخل المدن العراقية بداية من شهر جوان المقبل إلى حين تنفيذ الانسحاب الكلي مع نهاية عام 2011 وهو ما يطرح التساؤل عن قدرة القوات العراقية على استلام مهامها الأمنية في ظل استمرار مسلسل العنف في العراق.