على خلاف باقي البلديات التي تقفل أبواب مطاعم الرحمة ليلة السابع والعشرين من رمضان، فإن البعض الآخر يجتهد لإطعام أكبر قدر من المحتاجين إلى غاية آخر يوم من رمضان، ومن بين هذه البلديات بلدية المدنية التي على الرغم من ضعف ميزانيتها إلا أنها وبدعم من جمعية ''وفاء'' لمساعدة الأشخاص المسنين تمكنت من إطعام أكثر من 140 شخصا يوميا، ولقد اعتبرت من بين البلديات النموذجية من حيث إعداد الوجبات والانضباط والتقيد بشروط النظافة بشهادة من مكتب الصحة ومراقبة النظافة. زالمساء'' اطلعت على كيفية سير العمل بمطاعم الرحمة، حيث زارت مطعم بلدية المدنية ورافقت القائمين على إعداد المائدة الرمضانية بالمركز الثقافي التابع للبلدية. منذ الساعات الأولى من الصباح الباكر كان رئيس بلدية المدنية السيد عبد الرزاق موفق حاضرا رفقة بعض ممثلي البلدية إلى جانب رئيس جمعية الوفاء لمساعدة الأشخاص المسنين السيد حواس، وفي دردشة جمعتنا مع رئيس البلدية حدثنا عن بعض الأمور التي تم تداركها هذه السنة من أجل تمكين كل محتاج من وجبة إفطار صحية ومشبعة، حيث قال: ''ككل سنة نقوم بتحويل المركز الثقافي إلى قاعة مخصصة لإفطارالمحتاجين، ولأن بعض الفقراء يأتون رفقة عائلاتهم فقد قمنا هذه السنة بتخصيص قاعتين، الأولى للأشخاص الذين يأتون بمفردهم وهم من الرجال عادة، أما القاعة الثانية فقد جهزناها للأشخاص الذين يقصدون المركز رفقة عائلاتهم. وكما هو معلوم فالجزائري يحب الحرمة ولا يحب أن تجلس زوجته مع باقي عابري السبيل، لذا جهزنا قاعة عائلية، بحيث يفطر الجميع وهم مطمئنون'' وأضاف: ''خلافا للسنوات الماضية قررنا هذه السنة منع الأشخاص من أخذ الوجبات معهم، والسبب راجع إلى أن بعض المحتاجين سامحهم الله يستعملون الحيلة حتى عند الإفطار، حيث يقصدون المركز للحصول على الوجبة وبمجرد الخروج يحتفظون بما يرغبون بأكله بينما يقومون برمي البقية خارجا، ثم يقصدون مطعما آخر ويقومون بنفس العمل. وهذا أمر مؤسف ولاسيما أن رمضان هذه السنة تزامن مع الصيف فإن إلقاء المأكولات خارجا يتسبب في انتشار الأمراض، كما أن عدم حفظ الطعام جيدا قد يعرض المحتاج للتسمم الغذائي. وكل هذه الأمور تم تداركها هذه السنة حفاظا على صحة وسلامة المفطرين في مطعمنا''. مكتب الصحة والنظافة يثني على مطعم بلدية المدنية تزامنت الجولة التي قامت بها ''المساء'' في مطعم الرحمة بالمركز الثقافي لبلدية المدينة مع دخول ممثلين عن مكتب الصحة والنظافة التابع للبلدية، حيث قصدوا المطعم في زيارة مفاجئة كعادتهم للاطلاع على سير العمل ومدى الالتزام بشروط حفظ الأطعمة وكذا النظافة، اقتربنا من الطبيبة ''أبشين'' التي كانت بصدد تفقد الثلاجات ومراقبة المتطوعات المكلفات بالطبخ، فقالت خلال دردشة معها ''نقوم بمداهمة المطعم في أية لحظة ونأخذ عينة مما تم طبخه لفحصها، ونشرف على مراقبة كل المواد الموجهة لإعداد الأطباق خاصة تلك التي تتعرض للتلف في حال عدم حفظها جيدا، كما نقوم بمراقبة كل المكلفات بإعداد الوجبات للتأكد من عدم إصابتهن بالأمراض أو إصابة أصابعهن مثلا عند التقطيع، كما نشدد على وجوب نظافة ثياب من يتولى إعداد الوجبات مع ضرورة ارتداء القفازات، وعلى العموم إلى حد الساعة - تضيف - لاحظنا انضباطا شديدا في مطعم المدنية، كما أننا لم نسجل أي نوع من المخالفات ولم توجه إلينا أية شكوى. من جهة أخرى تقول تقول المتحدثة ''كل المشرفات على مطعم الرحمة ملزمات بتقديم ثلاث شهادات طبية تثبت عدم إصابتهن بأي مرض، لأن كل هذه الإجراءات تصب في آخر المطاف في مصلحة المواطن الذي يقصد المطعم للإفطار''. جمعية ''وفاء'' تطرح مشروع مائدة الإفطار الدائمة بحكم أن ما خصصته البلدية للإطعام غير كاف فقد اعتمدت على ما تجود به بعض الجمعيات من مساعدات لفائدة هؤلاء المحتاجين، ومن بينهم جمعية وفاء لمساعدة الأشخاص المسنين التي تدعم بلدية المدنية للمرة الثالثة على التوالي، وحول تجربتها حدثنا رئيس الجمعية السيد حواس قائلا: ''إن الجمعية بحكم طابعها الاجتماعي تسعى في كل مرة إلى تقديم المساعدات للمحتاجين بأوجه مختلفة، ولأن رمضان تكثر فيه مطاعم الرحمة فقد ارتأينا أن ندعم بعض البلديات ماديا حتى يتسنى لها إطعام كل المقبلين عليها''، ويعلق المتحدث ''جمعيتنا تدعمها الكثير من المؤسسات التجارية والمصرفية، وفي المقابل نقوم بتحويل تلك المساعدات إلى المطاعم حيث قمنا هذه السنة بمساعدة تسع بلديات''، ومن جهة أخرى عاب رئيس الجمعية وجود بعض النقائص بمطاعم الرحمة ببعض البلديات خاصة من حيث جودة الأطعمة، إلا أنه اعتبر الوجبات المقدمة بمطعم المدنية من الوجبات المشبعة والنموذجية، كما أشار إلى أنه يفكر جديا في فتح مطعم يعمل على مدار السنة ويكون مقره كبداية ببلدية المدنية، حيث قام باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لدعم مشروعه وإن نجحت الفكرة ينوي تعميمها على كافة الدوائر، لأن المحتاج - يقول - ''موجود على مدار السنة خاصة أيام الشتاء حيث تكون الوجبة الساخنة حلم أي محتاج''.