تم بالمركز الثقافي الفرنسي نهاية الأسبوع الفارط، تكريم السينمائي والمختص في علم الأجناس، الراحل جون روش، بحيث تم عرض فيلمين وثائقيين قام بإنجازهما في سنوات الستينيات وهما:''صيد الأسود بالرمح'' و''وقائع صيفية''. ''وقائع صيفية''، هو الفيلم الوثائقي الذي أخرجه جورن روش سنة 1965وتناول في 80 دقيقة يوميات البارسيين في فصل الصيف، حيث بدأ عمله هذا بطرح سؤال قد يبدو بسيطا ولكنه يحمل في أعماقه الشيء الكثير ألا وهو ''هل أنت سعيد؟''. وسأل روش الباريسيين أيضا عن مواضيع أخرى مثل موضوع العنصرية والثقافة والعمل والحب، كما أراد من خلال عمله هذا تسليط الضوء على صدق الإنسان من عدمه عندما يكون أمام الكاميرا. وتناول روش في عمله هذا الذي تحصل على جائزة النقد في مهرجان كان السينمائي سنة ,1961 يوميات باريسيين من مختلف أطياف المجتمع، مثل مارسلين التي تعبرّ بشفافية عن خوفها من الوحدة ومع ذلك فهي لا تحاول أن تخرج من انطوائيتها، لأنها حسب تصريحها لروش، لا تجد مكانة لها في هذا العالم، لهذا اختارت ربما العزلة على أن تندمج في مجتمع يخيفها. من جهته، عبرّ أنجيلو وبحماس كبير عن مشاكله الكثيرة في عمله، فتحدث عن الظروف التي تحيط بالعمال بنبرة صريحة وكأن الكاميرا ساهمت في استخراج كل الغضب الذي يسكن قلبه، أما ماري فقد تركت أكثر من مشاهد حائرا في الحكم عليها، فبينما وجدها البعض لا تطاق، عبر البعض الآخر عن تأثرهم بقدرتها على البوح بأسرارها الدفينة. وماذا عن الطالب جان بيار، هل يرضى حقا بأن يعتقد الآخرون أنه شخص ممل وغير لطيف بالمرة أم انه ينافق الكاميرا بكلامه هذا ويسعى إلى اخفاء معاناته اليومية صيفا وشتاء؟ في حين يظهر الزوج جاك وسيمون، بأنهما يعيشان حياة عادية إلا أن الرجل يجد صعوبات كثيرة في تقبل ماضيه كعسكري. وضم الفيلم شهادات لباريسيين آخرين مثل لا ندري الذي تحدث عن حياته التعيسة كطالب في فرنسا، وصوفي التي تعمل عارضة أزياء في المجلات والتي حكت عن يومياتها في سان تروبي. لقد حاول روش في فيلمه هذا تسليط الضوء على حياة الشاب الباريسي بكل تناقضاتها وتنوعها، فقد اهتم وبحكم انه مختص في علم الأجناس، بنفسية هؤلاء الشباب، وكذا تصرفاتهم التي قد تبدو عادية إلا انها تخفي وراءها الكثير من التساؤلات. بالمقابل، صوّر روش فيلمه ''صيد الأسود بالرمح'' في مالي والنيجر، حيث يعيش قوم الغاو الذين يصطادون الأسود، واعتبر هذا الفيلم تحفة تحكي عن إفريقيا من خلال تصوير مشاهد عن حياة هؤلاء القوم، كمشهد الصيد والسفر والحب والموت أيضا. وتناول روش في فيلمه هذا أيضا، قصة قوم ''سونغي'' الذين يعتقدون أنهم الوحيدون الذين لديهم الحق في اصطياد الأسود أما عن الرعاة فهم مطالبون فقط بضرب الأسود بالحجارة لا غير، أما قوم ''بول'' فهم لا يصطادون أي أسد بل يقتلون فقط الأسود التي تلتهم الكثير من البقر، بالمقابل قدم روش الكثير من المشاهد عن قوم الغاو من منطقة ماتاكالا، فقد صوّر طريقة صيدهم التي تمزج بين الصيد والسحر معا، كما صور كيفية صنعهم الرمح وطريقة وضعهم مثلا. وتحصل روش عن فيلمه هذا الذي صور مشاهده سنة 1960ومن خلال 90دقيقة، على جائزة المهرجان الدولي للفنون السينماتوغرافية لفنيس بإيطاليا. ولد روش سنة 1917وتوفي سنة 2004 اثر حادث مرور تعرض إليه في النيجر. مخرج ومتخصص في علم الأجناس، تخصص في عمل الأفلام الوثائقية وبالأخص تلك التي تهتم بالقبائل الإفريقية مثل قوم دوغون، فأصبح أحد مؤسسيّ علم الأجناس المرئي.