الحدث المثير للجدل والذي طرح عديد علامات الاستفهام هو غياب الفيلم الجزائري وعدم حضور ممثل واحد عن السينما الجزائرية في فعاليات مهرجان دمشق السينمائي الدولي الذي أسدل الستار على طبعته ال15 السبت المنصرم بعد 10 أيام شاركت فيها 43 دولة من مختلف قارات العالم. أول شيء لفت اهتمامنا منذ انطلاق مهرجان دمشق السينمائي هو غياب الوفد الجزائري، وعدم حضور شخصية جزائرية واحدة للمشاركة في هذه التظاهرة الفنية الهامة التي بلغ مستواها حد العالمية، حيث يصنف مهرجان دمشق ضمن أهم المهرجانات السينمائية العالمية. كنا نظن في البداية أن التراجع الذي تشهده السينما الجزائرية في السنوات الماضية هو السبب وراء تغييبها من المهرجان، لكننا فوجئنا بأن شعار هذا الأخير في دورته الحالية هو تكريم روائع السينما العربية منذ نشأتها وحتى اليوم تحت عنوان »بعيون السينما نرى«، الأمر الذي دفعنا للبحث عن روائع السينما الجزائرية في السبعينيات والثمانينيات، فوجدناها دون أصحابها. الجزائر في موسوعة السينما العربية في الموسوعة الخاصة التي أصدرتها إدارة المهرجان، جاء الحديث عن السينما الجزائرية بصورة كبيرة، حيث تم ذكر عدد من الأفلام الوطنية الهامة مثل »علي في بلاد العجائب«، »الأفيون والعصا« للمخرج »أحمد راشدي«، و»أطفال الريح« للمخرج »إبراهيم شاكي«، و»وقائع سنوات الجمر« للمخرج »محمد لأخضر حامينا«، و»ليلى والأخريات« للمخرج »سيد علي مازيف«، و»طاحونة السيد فابر« للمخرج »أحمد راشدي«، ونهلة ل»فاروق بالوفة«، ورياح الأوراس للمخرجين محمد لأخضر حامينا وتوفيق فارس، و»عمر قتلتو الرجلة« للمخرج مرزاق علواش. وللإشارة فقد عرض هذا الفيلم أثناء أيام المهرجان، ونال إعجاب الجمهور، وعن هذه الموسوعة التي رصدت كل كبيرة وصغيرة عن الأفلام العربية الهامة في تاريخ السينما العربية جاءت الأفلام الجزائرية بشكل يبرز دورها المؤثر في هذا التاريخ في فترة من الزمن، وهو الشيء الذي لم يغفله مهرجان دمشق، فوجدنا السينما الجزائرية حاضرة دون أصحابها. من المحلية إلى العالمية طوال أيام المهرجان العشرة كنا نلمس مجهودا كبيرا من إدارته للتغلب على المعضلة التي ظلت لصيقة بالمهرجان في دوراته الماضية، وهي انحساره في المحلية، فقد نجح المهرجان في دورته الحالية في الخروج من عنق الزجاجة ليصبح مهرجانا دوليا، ورغم أن هذا المهرجان ظل يحظى باحترام عربي وعالمي إلا أنه لم يكن يستقطب النجوم العالميين، في الوقت الذي حرصت مهرجانات عربية وخليجية أخرى حديثة الولادة على استقطاب عدد من نجوم هوليوود لفعالياتها، لكن كان لزيارة عدد من نجوم هوليوود لسورية الصيف الماضي في رحلة دعم اللاجئين العراقيين العالقين على الحدود السورية العراقية، مثل أنجيلا جولي وجوليا روبرتس، كان له أثره في توافد عدد من نجوم السينما العالمية على مهرجان دمشق، حيث شارك في لجنة تحكيم المهرجان المؤلف والكاتب الروسي »كارين شاخنازاروف«، والمنتج الايطالي الشهير »اينزو بورتشيللي«، والممثلة الشهيرة »ماييفا باسكالي«، والممثلة »فرانسواز بريون« و»ميشيل فالي«، كما شاركت في المسابقة الرسمية للمهرجان أفلام عالمية من اليابان والصين وأوروبا والولايات المتحدة، كما عرض المهرجان في حفل ختامه الفيلم الصيني، »زواج تويا« الحاصل على جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين لهذا العام، ويعتبر هذا العرض الأول للفيلم في الوطن العربي، في حين عرض في الافتتاح الفيلم الروماني »أربعة شهور وثلاثة أسابيع ويومان«، والحاصل على جائزة ذهبية في مهرجان كان السينمائي، وهو كذلك العرض الأول في الوطن العربي. وتضمن المهرجان مسابقتين للأفلام الطويلة وعددها 22 فيلماً تمثل عشرين دولة، بينها سورية التي شاركت بفيلمي »الهوية« لغسان شميط و»خارج التغطية« لعبد اللطيف عبد الحميد. أما مسابقة الأفلام القصيرة فقد شاركت فيها 54 فيلما، منها »الأب المعتقل« و»اليوم الرابع والثلاثون« و»كيمبو ساب« و»حكاية كل يوم« و»مونولوغ« و»شمس صغيرة« و»موت حياة«. إيران تتوج في حفل الاختتام وفي حفل ختام المهرجان الذي أقيم على مسرح الأوبرا، في دار الأسد للثقافة والفنون، والذي تلقت الشروق دعوة لتغطية فعالياته، فاز الفيلم الإيراني »انه الشتاء« بجائزة المهرجان الذهبية للأفلام الطويلة، فيما فاز الفيلم الفرنسي »ارفع سماعة الهاتف« بذهبية الأفلام القصيرة. ونال الممثل الأرجنتيني »خوليو تشافيز« جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم »الآخر«، كما نالت بطلة الفيلم اللبناني »سكر بنات« جائزة أفضل تمثيل نسائي. وفاز المخرج الايطالي »ماركو بيلو كنوب« بجائزة المخرج السوري العالمي الراحل مصطفى العقاد عن فيلم »مخرج حفل الزفاف«، ونال الفيلم التونسي »كحلوشة« جائزة لجنة التحكيم الخاصة للأفلام الطويلة، فيما فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة للأفلام القصيرة الفيلم المغربي »آخر صرخة«. وفاز الفيلم المصري »في شقة مصر الجديدة« بجائزة أفضل فيلم عربي روائي طويل مشارك في المهرجان. قمة عربية وعاصمة ثقافية وكان حفل الختام الذي أخرجه الفنان ماهر صليبي قد تضمن لوحات فنية غنائية راقصة تحكي جزءا من التراث السوري عبر مختلف العصور، كما تم تكريم عدد من الفنانين السوريين والعرب العاملين في الحقل السينمائي مثل الممثلة صباح الجزائري والمخرج نبيل المالح والمخرج العراقي محمد شكري جميل والممثل المصري محمود عبد العزيز. يذكر، أن دمشق تبدأ تحضيراتها لمؤتمر القمة العربية في الربيع المقبل ولاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية مستلمة إياها من الجزائر. دمشق: وليد عرفات رئيس مهرجان دمشق السنمائي للشروق: غياب الجزائر غير مبرر ومُحير في تصريحه للشروق كشف »محمد الأحمد«، رئيس مهرجان دمشق السينمائي، عن سر غياب السينما الجزائرية والوفد الجزائري عن فعاليات المهرجان قائلا: »حتى الآن لم أستطع فهم سبب غياب الأشقاء الجزائريين عن المشاركة... فقد وجهنا عديد الدعوات للمسئولين السينمائيين في الجزائر، ولم نتلق أية إجابة، وقمنا بإجراء عديد الاتصالات إلا أننا لم نتلق أيضا أية إجابة سواء بالقبول أو الرفض«. ويضيف »الأحمد«: »هذا الغياب آلمنا كثيرا فقد كنا في شوق للمشاركة الجزائر التي يزخر تاريخها السينمائي بعدد من الأفلام التي تركت بصمة مميزة على السينما العربية، حتى أننا كنا قد وضعنا اسم المخرج الكبير »محمد الأخضر حامينا« ضمن قائمة المكرمين، ووجهنا له الدعوة، إلا أنه أيضا لم يجيب«. وفي الأخير قال »الأحمد«: »هذا الغياب لم يصبنا باليأس، فمازلنا من خلال مهرجان دمشق لم شمل الأشقاء العرب وتوحيد رايتهم، وفي العام القادم لن نتوانى عن دعوة الجزائر للمشاركة، في جزء هام من الجسد العربي«. دمشق: وليد عرفات