حذر الدكتور كمال جنوحات، وهو أستاذ محاضر مختص في علم المناعة بمعهد باستور للجزائر، من ظاهرة المصافحة والتقبيل التي مازالت من عادات مجتمعنا والعديد من المجتمعات العربية، بحيث لا ترتبط بالأعياد والمناسبات فحسب بل حتى بسائر الأيام العادية، فقال إنها من أهم عوامل انتقال الأمراض المعدية التي تنتشر في الجزائر بمختلف أنواعها، موضحا ل''المساء'' على هامش الملتقى العالي المتوسطي لعلم المناعة أن الأمراض المعدية التي تعد من أهم أسباب الوفاة في العالم تسجل في الدول النامية أكثر منه في الدول المتقدمة، لأسباب ترتبط بقلة احترام شروط النظافة. ما زالت ممارسة تلك الظاهرة قائمة حتى الوقت الراهن في أوساط مجتمعنا، في ظل غياب الوعي بخطورة هذه العادة المتوارثة التي تحمل بين طياتها مشاعر التقدير والود، ويعجز حتى بعض الواعين بخطورتها من التخلص منها من منطلق عدم الإساءة لمن يبادرونهم بالتحية والتقبيل أثناء اللقاء، في الوقت الذي باتت فيه الحقائق الطبية تدعو للتخلي عن هذا الموروث الاجتماعي. وفي هذا الصدد يشير الدكتور كمال جنوحات إلى خطورتها الشديدة في نقل عدوى بعض الأمراض، على غرار التهاب الكبد الفيروسي، وهي الظاهرة التي تقل نسبيا في الدول المتقدمة، منبها إلى أن الأمراض المعدية تنتشر في الجزائر بمختلف أنواعها الفيروسية، البكتيرية والطفيلية، خاصة وأن البعض لا يلتزمون باحترام شروط النظافة على غرار غسل اليدين قبل وبعد الأكل. وأضاف الدكتور أن الأمراض المعدية التي تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية بشأنها إلى أن 5,3 ملايين شخص في العالم مصاب بها، منهم مغاربة وأفارقة أصبحت تستدعي تطوير معارف الأطباء المختصين المحليين في مجال علم مناعة وظائف الأعضاء للأمراض المعدية، على ضوء الاكتشاف الجديد الذي توصلت إليه البحوث العلمية مؤخرا للتمكن من التحكم في العلاقة الكامنة بين الجسد والميكروبات. وعن الاكتشاف الجديد الذي شكل محور اهتمام الملتقيين التكوينيين اللذين نظمهما معهد باستور للجزائر بالتنسيق مع الشبكة الدولية لمعاهد باستور، يقول الطبيب المختص في علم المناعة إن دراسة طبية جديدة أظهرت حديثا أن الجزء غير الخاص للجهاز المناعي له دور فعال في مقاومة الجراثيم خلافا للاعتقاد الطبي الذي كان سائدا، والذي كان يعتبر أن الجزء الخاص في الجهاز المناعي (المتمثل في الخلايا اللمفاوية والأجسام المضادة) هو العامل الأساسي في المقاومة. وبناء عليه تشكل المحاضرات التي استفاد منها أطباء محليون ومغربيون وأفارقة لأول مرة بمعهد باستور للجزائر بدالي ابراهيم فرصة للاطلاع على حقائق علم المناعة والكيفية التي يقاوم بها الجهاز المناعي الجراثيم وفق المنظور الطبي الجديد، حسب المصدر. وذكر محدث ''المساء'' أن مسعى تطوير خبرات الأطباء في علم المناعة تم تجسيده في الجزائر من خلال تنظيم ملتقيين متزامنين، الأول نظري يدوم من 18 إلى 30 سبتمبر الجاري، يستفيد من خلاله 43 باحثا منهم أطباء مختصون وطلبة بصدد تحضير الماجستير في تخصص علم البيولوجيا من الجزائر، والمغرب وإفريقيا من محاضرات حول علم مناعة وظائف الأعضاء للأمراض المعدية، أما الثاني فيتميز بطابع تطبيقي، حيث جمع 150 مشاركا من الجزائر استفادوا من أعمال تطبيقية تحت إشراف أساتذة من الجزائر والمغرب وفرنسا في إطار أشغال الملتقى العالي المتوسطي لعلم المناعة. وعموما يعتبر الملتقيان اللذان تم تمويلهما من طرف معهدي باستور للجزائر وفرنسا (كلف حوالي 400 مليون سنتيم) - يضيف المصدر- فرصة لتدعيم معارف الباحثين الشباب لرفع تحدي تحسين الصحة العمومية عن طريق مكافحة الأمراض المعدية. وفي هذا السياق يذكر أن وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد جمال ولد عباس أعلن خلال افتتاح الملتقى العالي المتوسطي لعلم المناعة أنه سيتم قريبا عرض مشروع مرسوم رئاسي حول زرع الأعضاء على الحكومة لمناقشته وعرضه على البرلمان للمصادقة عليه، لكونه فرصة لتعريف المشاركين بكيفية نقل وزرع الأعضاء ومعالجة التعفنات عن طريق المناعة. كما كشف خلال اللقاء أن قطاع الصحة قد تدعم خلال سنتي 2009 - 2010 ب1500 طبيب مختص جديد من بينهم 17 أخصائيا في علم المناعة، مما يسمح مستقبلا بتوفير علاج رفيع المستوى لكافة المواطنين. وتجدر الإشارة إلى أن الملتقى العالي المتوسطي لعلم المناعة شهد إلقاء عدة محاضرات حول المناعة المكتسبة والمناعة الفطرية وكذا الصفائح الدموية، وهي أجسام سيتوبلازمية توجد في الدم دورها الأساسي هو تحويل المادة البروتينية السائلة الموجودة في الدم إلى مادة صلبة، فهي عبارة خيوط متصلبة تتجمع حول السطح الجلدي لتمنع خروج الدم من الجلد، وأبرزه البروفيسور الفرنسي ''أوليفي غارو'' للأطباء المكونين دورها الأساسي في مقاومة الالتهابات وتحفيز آليات الدفاع ضد الطفيليات بوصفها مضادا حيويا.