بعد كتاب "سطيف خلال العهد الإسلامي"، الذي صدر مؤخرا عن المتحف الوطني للآثار بسطيف في إطار تظاهرة "الجزائر عاصمة الثقافة العربية، ويسرد تاريخ منطقة سطيف خلال الفترة الإسلامية، تدعّمت المكتبة الجزائرية مؤخرا بمولود جديد جاء لإثراء الرفوف، والتعريف بتراث وحضارة منطقة عاصمة الهضاب العليا بعنوان "سطيف تاريخ وحضارات" باللغتين العربية والفرنسية· العمل يعدّ إنتاجا مشتركا لباحثين جزائريين في علم الآثار، السيد عمر كبور والآنسة خلف الله شادية، هذا الإنجاز عبارة عن مجموعة من البحوث الميدانية الأكاديمية التي مسّت جميع مناطق الولاية، أراد مؤلّفاه التعريف بمنطقة سطيف المعروفة بنمطها المعماري وثراء تراثها الحضاري، المتمثّل في الشواهد المادية على مختلف الحضارات والحقبات التاريخية التي تعاقبت عليها من فترات ما قبل التاريخ إلى الفترة المعاصرة· الكتاب تناول في مقدمته التي حملت توقيع الكاتب والأديب محمد زتيلي مدير الثقافة بالولاية، كشفا موضوعيا عن التاريخ والحضارات التي مرت بها منطقة سطيف والمعالم السياحية التي تتميّز بها المنطقة·· مدعّما بخرائط ومخطّطات قدّمت بطريقة تشويقية·· البداية كانت من عصور ما قبل التاريخ، باعتبار المنطقة غنية بمواقعها الأثرية التي تعود إلى الفترات الغابرة، أبرزها موقع "عين لحنش" الذي اكتشفه الباحث "كاميل أرامبورغ" في الأربعينيات من القرن الماضي، اكتشفت به آنذاك بقايا مستحثات حيوانية ترجع إلى عصر الباليستوسين الأسفل، إلى جانب مواقع عين بوشريط وكاف الزمان··· فترة فجر التاريخ هي حقبة تاريخية مؤقّتة للانتقال من عصور ما قبل التاريخ إلى الفترات التاريخية العتيقة، تجلّت في معالم جنائزية متمثّلة في أنواع من القبور الجنائزية الحجرية، تلتها الفترة الكلاسيكية العتيقة، بعدها الفترة الوسيطة التي شهدت اعتناق السكان المحليين للعقيدة الجديدة الإسلام، ثم الفترة المعاصرة بمختلف مراحلها، بداية من المقاومات الشعبية بعد دخول الاستعمار الفرنسي إلى فجر الاستقلال، مرورا بالحركة الوطنية، أحداث الثامن ماي 45 إلى غاية اندلاع الثورة التحريرية··· ولم يستثن هذا العمل إبراز شخصيات سياسية وثورية من أبناء المنطقة، وكذا أهم مراكز العدو الفرنسي، كما حمل في صفحاته بالصور تنوّع الموارد الطبيعية والتاريخية التي جعلت من المنطقة قطبا سياحيا نشطا متعدّد الأوجه، لاسيما في ميدان السياحة الثقافية بمورثها الحضاري ذي البعد العالمي، المتمثّل في المدينة الأثرية كويكول ببلدية جميلة المصنّفة تراثا تاريخيا عالميا، بالإضافة إلى الحمامات المعدنية المنتشرة عبر كامل تراب الولاية والحظائر الطبيعية المصنفة على غرار منطقة بابور، بالإضافة إلى ملحق بالصور الفوتوغرافية لتراث وحضارة منطقة سطيف حسب التطوّر الكرونولوجي···