كشف وزير السكن والعمران السيد نور الدين موسى أمس أن الفريق التقني المتخصص في العمل لتحضير مشروع الوثيقة التقنية التنظيمية للقواعد الجزائرية للبناء المقاوم للزلازل سينهي عمله في شهر جويلية المقبل، حيث سيتم بلورة التنظيم الجزائري الجديد لسنة ,2010 انطلاقا من إثراء الصيغة المعتمدة منذ ,2003 بالتوصيات التي سيكلل بها اللقاء الوطني حول مراجعة القواعد الجزائرية المقاومة للزلازل المنظم بالجزائر. وأوضح السيد موسى خلال افتتاحه لهذا اللقاء الوطني الذي جمع أمس بقصر الأمم بنادي الصنوبر الخبراء والمختصين والجامعيين وممثلي الهيئات المتخصصة في مجال مراقبة البناء والمخابر العلمية، إلى أن الجزائر التي تقع في منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي، تتوفر على مجموعة من النصوص التنظيمية والتقنية الخاصة بالبناء، وخبرة تطبيقية فعلية في الميدان، تجعلها تتقدم من سنة إلى أخرى في مجال تأمين البناء، مشيرا إلى أن هذه التجربة سيتم تعزيزها قريبا بأبحاث تجريبية في مجال ديناميكية الهياكل وتأثير المنشآت بفعل النشاط الزلزالي، من خلال تسليم وتشغيل مخابر الهندسة المدنية التابعة للمركز الوطني للأبحاث المطبقة في الهندسة المقاومة للزلازل، والتي ستسمح باختبار منتجات وأنظمة البناء المستعملة بشكل علمي. وأوضح في نفس السياق بأن التجربة التي اكتسبتها الجزائر طيلة 30 سنة الماضية في مجال قواعد مقاومة الزلازل وكذا الوسائل المتوفرة لديها اليوم، تفتح أمامها فرص التعاون على المستوى الأورومتوسطي والدولي بشكل عام، وتسمح لها بمباشرة نشاطات المركز العربي للوقاية من أخطار الزلازل والكوارث الطبيعية الأخرى، الذي ستحتضن الجزائر مقره، وتستفيد منه كافة الدول العربية. وبعد أن ذكر بأن القواعد في البناء المقاوم للزلازل تشمل بالأساس تطبيق قواعد التصميم والحساب المضاد للزلازل بالنسبة للمنشآت مع احترام القواعد والمعايير الأخرى للبناء، أكد السيد موسى بأن وزارة السكن ظلت دوما حريصة على الانتظام في مراجعة وتحيين هذه الوسيلة، وهو ما يفسر حسبه مراجعة القواعد المقاومة للزلازل بصفة دورية ومنتظمة انطلاقا من الدروس المستخلصة والتجارب المتعلقة بمختلف الزلازل التي ضربت الجزائر، مع الإشارة إلى أنه تم لحد الآن اعتماد 5 صيغ من القواعد الجزائرية للبناء المقاوم للزلازل تم إصدارها في 1999 ,1988 ,1983 ,1981 و.2003 ويؤكد السيد الوزير أن صيغة 1999 المعدلة في 2003 تعد الصيغة الكاملة والأكثر ملاءمة إلى غاية اليوم، غير أن الدروس المستخلصة من الزلزال الذي ضرب بومرداس في ماي ,2003 لم يتم التكفل بها بصفة شاملة بالنظر للطابع الاستعجالي الذي ميز عملية مراجعة صيغة 1999 واعتماد الصيغة الأخيرة، الأمر الذي دفع وزارة السكن إلى تكليف المركز الوطني للأبحاث المطبقة في الهندسة المقاومة للزلازل بإعداد مشروع الصيغة المعدلة للقواعد الجزائرية المقاومة للزلازل والتي ستعتمد كصيغة 2010 وتراعي مختلف التطورات والانشغالات المطروحة في السنوات الأخيرة، مع الأخذ في الحسبان المستجدات العلمية والتقنية والتجارب والخبرات العالمية في هذا المجال، ولا سيما منها الدروس المستخلصة بعد الكوارث والزلازل الكبرى التي دمرت بعض المناطق في العالم. ولإبراز أهمية الجهود المبذولة في مجال وضع القواعد التنظيمية الوقائية، ذكر وزير السكن والعمران بالفارق الكبير الذي ميز مخلفات الزلزالين اللذين ضربا كل من هايتي والشيلي خلال العام الجاري، حيث خلف الأول 220 ألف قتيل وكانت شدة الهزة الأرضية 7 درجات على سلم ريشتر، بينما لم يخلف زلزال الشيلي سوى 800 قتيل رغم ان الهزة المسجلة بلغت شدتها 8,8 درجات على سلم ريشتر، وهو ما يؤكد أهمية ونجاعة القواعد والتنظيمات التي اعتمدتها حكومة الشيلي في البناء المقاوم للزلازل.ولمناقشة الصيغة الجديدة للقواعد الجزائرية التي ستعتمد بداية من هذه السنة، وإثرائها بشكل واف وشامل، دعت وزارة السكن نحو 1200 مشارك يمثلون عدة مؤسسات تقنية وهيئات علمية على غرار المعاهد والجامعات والمخابر المتخصصة، ومؤسسات الهندسة والمراقبة التقنية علاوة على ممثلي المؤسسات المحلية والمجتمع المدني، لليوم الوطني الذي نظمته أمس بالجزائر، والذي تناولت أشغاله النظر في الاقتراحات والتوصيات التي تم جمعها خلال الورشات المنظمة بمناسبة اللقاءات الجهوية الثلاثة والتي تمحورت في مجملها حول المطالبة بتوضيح بعض المفاهيم، والاستفسار حول طرق التحليل المستعملة لتحديد القواعد الزلزالية وتحديد قواعد التصميم والحساب المضادة للزلازل، والإشارة إلى النقائص المسجلة في التحقيقات الجيوتقنية. كما تم خلال اللقاء الذي يتزامن مع الذكرى ال30 للزلزال الذي ضرب ''الأصنام'' في 10 اكتوبر ,1980 عرض فيلم تناول مختلف الزلازل التي تعرضت لها الجزائر، وتقديم مداخلات عامة تناول بعضها الجهود المبذولة من قبل الدولة لتقليص مخاطر الزلازل، إسهام التكنولوجيا الفضائية في ضبط خارطة المواقع المعرضة للنشاط الزلزالي، تقييم نشاط المراقبة التقنية للبناء وحوصلة الإستشارة حول مراجعة التنظيم الجزائري المضاد للزلازل، في حين انتظم نقاش الخبراء في إطار ورشات العمل الأربع التي عقدت خلال اللقاء حول مواضيع التهيئة والتعمير، التصميم والحساب في المباني والوقاية من أخطار الزلازل وتسييرها. وقد أبرزت معظم المداخلات التي ميزت اللقاء أهمية تكثيف العمل التحسيسي في اتجاه مختلف شرائح المجتمع، لدعم العمل الوقائي، لا سيما في ظل استحالة التنبؤ بالزلازل، بينما دعا الوزير إلى مراعاة البعد الاقتصادي في إثراء قواعد البناء المقاوم للزلازل، وخاصة من خلال اعتماد التقنيات الحديثة التي تضمن استمرارية واستقرار الإنجازات، وتضمن حماية الأرواح والممتلكات.