يشد النظام المغربي هذه الأيام أنفاسه على خلفية الأخبار التي أكدت عودة ملف اغتيال المعارض المهدي بن بركة إلى الواجهة ولكن هذه المرة بحقائق ستفضحها وثائق سرية للمخابرات الفرنسية قد تهز أركان البلاط الملكي في الرباط. فقد أعطت اللجنة الاستشارية الفرنسية الخاصة بالأرشيف الفرنسي السري أمس موافقتها على نزع الشمع الأحمر على ملفات من أرشيف المخابرات أدرج في خانة ''سري دفاع'' ذي صلة مباشرة بعملية اغتيال المعارض المغربي مهدي بن بركة سنة 1965 بعد إلحاح من القضاة المكلفين بالتحقيق في هذه القضية على أمل كشف كل أسرارها وتمكين عائلته من القيام بمراسيم العزاء بعد قرابة خمسين عاما. ومصدر الخوف من هذا التطور في هذه القضية أن مسؤولين سامين في هرم الأجهزة المغربية ممن تورطوا في عملية الاغتيال سيجدون أنفسهم في قلب الدوامة وعلى رأسهم المدير العام للدرك الملكي الحالي الجنرال مصطفى بن سليمان احد اكبر المقربين من الملك الحالي محمد السادس واحد دعائم نظامه. وعاد شبح بن بركة إلى الواجهة بعد 45 عاما وكأنه يقول انه لن يختفي إلا إذا سطعت شمس الحقيقة على من تورط في اغتياله وفضح نظام قام على ثنائية الرصاص والدم التي راح ضحيتها آلاف الضحايا. وذكرت مصادر فرنسية أن رأي اللجنة خص فقط جزءا من عدة ملفات تم حجزها خلال عمليتي بحث في مقر المديرية العامة للأمن الخارجي الخاصة بمكافحة التجسس وأعطت موافقتها للاطلاع على أجزاء محددة من مجموع 23 ملفا ذات علاقة بهذه الجريمة بعد أن طالب القاضي باتريك رامائيل برفع السرية عنها بينما شمل الضوء الأخضر صفحات فقط من ملفات مازالت تثير حساسية كبيرة في فرنسا والمغرب. وتعود وقائع هذه القضية إلى يوم 29 أكتوبر 1965 عندما اقتاد أعضاء من المخابرات المغربية بتكليف من الملك الراحل الحسن الثاني وبتواطؤ من الشرطة الفرنسية ومجرمين فرنسيين بالعاصمة باريس، المعارض المغربي على متن سيارة واقتادوه إلى وجهة مجهولة أكدت تقارير انه جسمه تم تذويبه بحمض الكلور لاخفاء أدنى اثر للجريمة. وينتظر أن يكشف محتوى الملفات التي تم تشميعها إلى غاية تسليمها للقضاة المكلفين بالقضية عن حيثيات الدور الذي لعبه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني والجنرال محمد اولفقير في التخطيط وتدبير هذه العملية الشنيعة والتي نفذت ضمن إستراتيجية الملك في البقاء في السلطة باعتماد كتم كل صوت معارض لعرشه بالنفي والإبعاد والقتل. ولكن خطورة هذه الملفات على العرش الملكي الحالي تكمن في كونها ستفضح دور الجنرال حسني بن سليمان المدير العام الحالي للدرك المغربي والذي كان حينها مجرد نقيب وميلود تونسي الملقب باسم العربي شتوكي احد عناصر الكوموندو الذي أوكلت له مهمة اختطاف واغتيال مهدي بن بركة. يذكر أن ملف المعارض مهدي بن بركة كان وما يزال نقطة خلاف رئيسية بين باريس والرباط في نفس الوقت الذي تتهم فيه عائلة بن بركة الحكومتين المغربية والفرنسية بالتواطؤ لطمس الحقيقة ولكن ذلك لم يثنها عن الإلحاح في المطالبة بكشف ملابسات اختطاف واغتيال المعارض المغربي الشهير إحقاقا للحق ولتأكيد أن كل جريمة يجب أن يكشف لغزها مهما كان ثقل المتورطين فيها ومهما طال الزمن.