يحتضن المتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، معرضا خاصا بالمهرجان الوطني الأول لفن التصوير الفوتوغرافي يحمل عنوان ''السفر'' يقدم تجارب فنية وإنسانية جريئة بعيدة عن التكرار والتقليد. تشارك في المعرض مجموعة من الأعمال لعدة فنانين مصورين، منهم بقريش فيصل، بلعباس نوري، بكهوزر مريون، جمعة نذير وغيرهم... الفنان حميد يكان الهادي الذي احتوى جناحه صور البحر وحاول أن يعكس الشواطئ والأمواج التي تصل الإنسان غامضة، في أصولها، بينما يفكر هذا الإنسان دوما في ترك هذه الشطآن والوصول الى أخرى على الرغم من التمزق الداخلي الذي يمتلكه في هذه الرحلة. أما الفنان زناتي حليم فقادنا في رحلته الى بلد الأحلام والمغامرات البرازيل وبالضبط مدينة بيلو هرزونتي التي عمل بها مدة 10 سنوات (من 1998 إلى 2008)، وهي الفترة التي صورها حليم لتقديم الحياة اليومية لهذه المدينة التي لا تنام، وخلال هذه الفترة تحول حليم من مصور الى ناشط اجتماعي يرسم المدينة من خلال أهلها وشوارعها، خاصة يوم الأحد (العطلة). وفي هذا اليوم يطلق العنان لأرجله ويسجل ما تختاره عدسته الى أن وصل رصيد صوره 35 ألف صورة كلها بآلة التصوير الرقمية التي أعاد بها اكتشاف بيلو هرزونتي التي تطورت تماما كما تطورت آلة التصوير. ومن جهته، حاول الفنان حسايسية أشرف التملص من المواضيع الكلاسيكية التي تتناول وبالتصوير مناطق الشرق والغرب، ليطلق عنانه لتعزيز اللقطات الحية المعبرة عن السفر في كل صعيد من الأصعدة، محاولا أن يجعل كل لقطة وحدة منفصلة بذاتها حتى في النظرات العفوية أو الضاحكة التي يلتقطها أشرف بذكاء. واحتوى جناح هذا الفنان على لقطات صورت في ايطاليا، فرنسا، قطر، مصر، إيران، ماليزيا، الصين، وغيرها وكلها بالأبيض والأسود. ويقودنا سغيلاني حميد إلى الحي الذي يقطن فيه بقلب العاصمة باريس.. مستعرضا حياته اليومية متوقفا عند الغليان الاجتماعي للمغتربين. الصور تحمل معاني انسانية صادقة خاصة مع الأطفال والشباب، بالأبيض والأسود، مقترحا فسح المجال للنور والظل، خاصة في الشوارع، وهذه الصور هي جزء من روبورتاج أنجزه لمجلة فرنسية. الفنان جنيدي سيد علي قدم نظرة مختلفة عن ''العملاق النائم'' (الصين)، حيث لم يشأ أن تعكس عدسته صورا تشبه صور السياح العاديين، لذلك دخل عالم الأساطير القديمة واستحضر سلالات الملوك وعظمة المعمار وربط ذلك بتاريخ الصين المعاصر.. وهكذا استطاع سيد علي التخلص من خصوصيات السائح العادي، فراح يتجول في الحياة اليومية بدل الأماكن السياحية المعروفة، وأصبحت المشاهد تتوالى معه لتكون عمله اليومي. صور الفنان ''دعوة إلى الصلاة من مسجد بكين''، ''احتفالات شعبية''، ''العروسان''، ''شنغاي العتيقة''، وكذا ''مدينة البساتين'' و''وحيد والديه''. ''حبي للجزائر'' هو عنوان جناح الفنانة الألمانية بكهوزر مريون التي زارت الجزائر من الحدود الى الحدود في 5 زيارات لها لهذا البلد، الذي تعشقه طبيعة وشعبا، ومما زاد في حسن الجزائر انعتاقها من مرحلة مظلمة عاشتها في فترة الإرهاب لتصبح أكثر جذبا ومفاجآت وحرارة في الاستقبال. من بين ما سجلته الفنانة ''حفل السبيبة''، ''المهرجان الثقافي الإفريقي'' و''3,2,1 فيفا لالجيري''، وتفتخر أنها عاشت حلم تأهل الجزائر الى المونديال وسط جماهيرها بالعاصمة، إضافة الى تقديمها لصور عن معالم القصبة وعن الحياة اليومية للشباب وغيرها. كال كريم قدم صورا فضية ملونة في اختصاص الطباعة النافثة للحبر (100 - 120) تصور الأحياء الشعبية بمدينة ''كايين'' في غويانا الفرنسية، واستلهم مجموعته هذه من كتاب ''ادوي بلانيل'' ''اكتشاف العالم'' وهي شبيهة برحلات كريستوف كولومب الاستكشافية، لكل ما هو خلاصة اجتماعية لهذه المدن. أما بلعباس نوري فتسلح بآلة التصوير ليجوب مدن العالم منها السينغال، كوستاريكا، أوكرانيا، البرازيل، كندا، تركيا، إسبانياوالجزائر، ويخلد بعض معالمها.. داعيا الزائر الى السفر معه لاكتشاف هذا العالم وكسر آرائه المسبقة (غير المؤسسة) على بعض المجتمعات. جمعة نذير بدأ حكايته مناشدا الجمهور لتتبعها حتى يخلق علاقة حميمية مع الموضوع، الذي تجسده اللقطة في حكاية أبدية، تروي قصة الصين الحضارة والحداثة وانجازاتها التي تفوق طاقة البشر. حكاية أخرى يرويها مزياني عمر بعدسته التي زارت باماكو وواغادوغو لتلتقط يوميات تلاميذ المدارس القرآنية، الذين رغم سنهم الصغيرة يتأقلمون مع الظروف الاجتماعية القاسية، وهم لا يدركون حجم المعاناة فيركنون الى المرح واللعب والسعادة التي لا تبدو على أجسادهم النحيلة. صور مساجد مونريال الكندية طغت على جناح فيصل بقريش.. موضحا مدى بساطتها وتواضعها الذي يعكس تواضع مسلميها، الذين يهتمون بالجوهر أكثر من المظهر، وقد حرص الفنان على وضع آلة التصوير في اتجاه القبلة منبع النور، مع الاستعانة بآلة تصوير ''كاميرا ابسكورا'' الحساسة للضوء والموضوع أيضا، وبذلك يظهر الجانب الميتافيزيقي للعمل. من جهة أخرى، قدم هذا الفنان مجموعة من الصور المائلة (54 درجة)، التقطها صيف 2010 بنيويورك بهاتفه النقال دون أن يلتفت إليه أحد، ويشير الى أن ميل الصور دليل على ان العالم مائل وعليه أن يصحح نفسه. للإشارة، أقيم أيضا جناح بعنوان ''الانتظار''، وهو عنوان إقامة الفنون التشكيلية. بفندق ''الأفتيس'' بجيجل، وهي الإقامة الأولى من نوعها بالجزائر التي جمعت 8 فنانين جزائريين وفرنسيين قصد تحديد ظروف مثلى للإبداع واللقاء واكتشاف الآخر. الأعمال تظهر كل أشكال الواقع وعلاقة الإنسان بالعالم. المعرض ''غير منتظر'' في اقتراحاته الفنية (اقتراحات جديدة) تماما كما هو الحال في الإلهام والإبداع، ومن بين أبرز المشاركين فيه لاكروا بيرين، عجاني مصطفى، مينيا أمينة وغيرهم، وتبرز كل صورهم طبيعة الجزائر.