أنهت قوات الاحتلال الإسرائيلي اجتياحها، فجر أمس، لمنطقة جباليا في شمال قطاع غزة بعد أن اغتالت وبأبشع الصور 120 فلسطينيا معظمهم من الرضع والأطفال والنساء·وتركت قوات الاحتلال المدينة مجرد خراب بعد أن دمرت بناها التحتية ومنازل سكانها الذين وجدوا أنفسهم في العراء، وفي وقت أُبيدت عائلات بأكملها خلال يومين من حرب ابادة مدمرة أتت على الأخضر واليابس وزعمت ادارة الاحتلال لتبرير جريمتها التي أطلقت عليها اسم الشتاء الساخن أنها نفذتها من أجل القضاء على المقاومة الفلسطينية وصواريخ القسام وبمرر حماية مواطنيها في المدن الإسرائيلية·ولكن السؤال الذي طرحه كل العالم أمس بسماع قرار الانسحاب هل بتقتيل رضع ونساء وأطفال ودكّ مساكنهم، هل تمكنت اسرائيل من القضاء على المقاومة الفلسطينية؟ المؤكد أن الاجابة ستكون بالسلب من منطلق أن كتائب عز الدين القسام وكل الفصائل الأخرى أبقت على كل قدراتها في ضرب أهداف الإحتلال، بل أنها توعدت بردّ قاس على مجزرة جباليا التي وصفت بأنها أبشع وأدمى عملية عسكرية تقترفها قوات الاحتلال منذ عدوان 1967· وحتى وإن أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي على أن العملية ستتواصل لاحقا فإنه في واقع الحال اعترف ضمنيا بفشل العملية بدليل ضحاياها من المدنيين الأبرياء الذين لاعلاقة لهم بالمقاومة· ولكنه لا يستبعد أن تكون العملية مجرد تكتيك لاستراتيجية عسكرية إسرائيلية واسعة النطاق ضمن خطة لا تستهدف قطاع غزة بل حركة حماس وفي سياق ترتيبات أمنية إسرائيلية أمريكية قد تكون لها امتدادات الى لبنان واستهداف المقاومة اللبنانية· وبنظر العديد من المتتبعين فإن عملية الشتاء الساخن قد تكون لها امتدادات لتكون فصلا ساخنا على كل المنطقة العربية علي خلفية مساعي الولاياتالمتحدة لرسم خارطة سياسية جديدة في منطقة الشرق الأوسط الهدف منها تجسيد الدور السوري وبطريقة تلقائية ايران التي اصبحت في نظر صناع القرار الأمريكي تشكل العقبة التي تحول دون تكريس منطقها في إحدى أغنى مناطق العالم· وربما ذلك هو الذي جعل رئيس الديبلوماسية الفرنسية برنارد كوشنير يؤكد أن عملية غزة لن تحقق أهدافها وأن الخيار العسكري ليس هو بالضرورة الحل الأنجع لمثل هذه الوضعيات·ويكون وزير الخارجية الفرنسي فهم الغاية من هذا الاجتياح بقناعة أن واشنطن تريد وضع ترتيبات جديدة للخارطة الشرق أوسطية بعيدا عن القوى الأخرى التي حافظت إلى الآن على مصالحها في المنطقة· ومازالت باريس تعتقد أن أية خطط لإعادة رسم مستقبل المنطقة لابد وأن يمر عبر فرنسا القوة الحامية للبنان وسوريا وتعتبر لبنان بوابتها إلى المنطقة· وبغض النظر عن هذه الحسابات والدوافع التي أرغمت إسرائيل على الانسحاب من شمال قطاع غزة، فقد اعتبرت حركة المقاومة الاسلامية بأنه تأكيد على فشل عملية الإجتياح ونصر لعناصر المقاومة وبداية لفشل الغزو الإسرائيلي لقطاع غزة· وقال سامي أبو زهري الناطق باسم حركة حماس أن عمليات الاجتياح هذه لاتخيفنا، محذرا في نفس الوقت ادارة الإحتلال من ارتكاب حماقة أخرى وخاصة في حال استهدافها لقيادات الحركة· ودعا أبو زهري رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى حفظ الدرس من فشل جنوده في عملية اجتياحهم لقطاع غزة·