كشف المعرض الدولي للكتاب في طبعته الخامسة عشر النقاب عن اهتمامات الجزائري حيال المطالعة والكتب التي تستهويه، وكانت المفاجأة لأصحاب دور النشر الذين حضروا للمشاركة هي الإقبال الكبير على الكتب التاريخية الجزائرية والسياسة الدولية، إضافة إلى بعض كتب التفاسير والسيرة وبرامج تعلم الإنجليزية في نسخها المطبوعة والمضغوطة، وكتب أخرى تستهوي السيدات. تزامن المعرض الدولي للكتاب مع الاحتفال بالذكرى 56 لاندلاع الثورة المجيدة، وربما كان ذلك دافعا للإقبال على اقتناء الكتب التي تروي تاريخ الجزائر والثورة التحريرية المظفرة وبطولات أبنائها، علما أن الفئة التي أقبلت على اقتناء كتب تاريخ الجزائر تتعدى سنها 50 سنة حسب ما أكده لنا ممثل عن دار دحلب للكتاب الجزائري، يقول ''لقد وقفت منبهرا أمام السيل البشري الذي حط بالجناح وطلب ما بين 20 و50 عنوانا في التاريخ الجزائري والسياسة الدولية، خاصة أن بعض الكتب كانت تنفد فور وضعها على الرف على غرار'' اتفاقية ايفيان''، و''حامل الحقيبة'' الذي شهد إقبالا كبيرا من طرف أشخاص تتعدى أعمارهم الخمسين سنة، وأغلبهم ممن عاشوا الثورة أو شاركوا فيها، بحيث لاحظت حماسا كبيرا على الاقتناء ولهفة لمسك الكتاب بين الأيادي، كما لو انها الطريقة المثلى لعيش تلك الأيام بتفاصيلها، والأمر الآخر الذي شد انتباهي هو الإقبال القوي للقراء الفرنسيين الذين طلبوا كتاب اتفاقية إيفيان. كما شهد المعرض البيع بالتوقيع للكتب في كافة المجالات، وعلى سبيل المثال لا الحصر قدم رئيس الحكومة الأسبق رضا مالك كتابه الجديد ''حرب التحرير والثورة الديمقراطية.. كتابات الأمس واليوم'' ويحكي الكتاب الذي طبعته دار النشر ''القصبة''، كيفية إعادة بناء الجزائر بعد تدميرها من طرف الاستعمار الفرنسي منذ سنة ,1830 وقد استعان الكاتب بشهادات كبار الثوار الذين عرفهم عن قرب، وهو نوع من الشهادات الحية التي يعشقها الجزائري الشغوف بمعرفة كل كبيرة وصغيرة عن ثورته التحريرية. منى وصبيحة طالبتان في التاريخ كانتا تجوبان أروقة المعرض المزدحمة، وهما تحملان مجموعة من الكتب، تقول منى ''بداية اخترت دراسة التاريخ، وأتمنى أن أنجح في دراستي لأدرّسها بدوري للأجيال، فالتاريخ هو الماضي والطريق للمستقبل، فمن خلاله يمكن للأجيال أن تعرف عراقتها وما كان من أخطاء وحسنات للمضي فيها أو تغييرها، وقد حضرت رفقة كوكبة من زميلاتي وافترقنا عبر أجنحة المعرض لاقتناء مجموعة من الكتب التاريخية، وخاصة منها تاريخ الجزائر الثوري، الكفاح المسلح ورجالات الثورة، المقاومة الشعبية، المقاومة السياسية، المجازر، الثورة التحررية وما بعد الاستقلال، وقد ساعفنا الحظ بالعثور على عناوين عديدة ستساعدنا حتما في البحوث وفي الاطلاع على تاريخ الوطن''. السيد عساف كرم مدير المبيعات بدار شركة المطبوعات للتوزيع والنشر اللبنانية أشار إلى أن كتب السياسة الدولية نالت الصدارة من مجموع الكتب المطلوبة، وخاصة منها القضية الفلسطينية والشرق الأوسط، حيث عرضت الدار 50 عنوانا خاصا بالسياسة الدولية، وحول الفئات التي أقبلت على هذه الكتب قال ''كل الفئات كانت حاضرة انطلاقا من سن العشرين وهو الأمر الذي شكل مفاجأة بالنسبة لي''. وأضاف السيد عساف قائلا ''لقد شاركنا ب80 عنوانا في مختلف المجالات والكتب الأخرى الأكثر مبيعا، تمثلت في مقاصد الشريعة، تعالى نتعلم الانجليزية ومجموعة عمر فاروق الشعرية''. في حين أشار السيد رامي البيتم مدير دار الجيل الجديد إلى أن جناحه شهد إقبالا من كافة المستويات بداية من الأطفال إلى المسنين، وسجل إقبالا كبيرا للشباب على كتب الفقه والسنة النبوية، أما السيدات فتوجهن بقوة نحو كتب تفسير الأحلام وتربية الأبناء في مختلف مراحل العمر، في حين عرفت كتب قصص الأنبياء إقبالا كبيرا من طرف كبار السن من الرجال والنساء، وأضاف قائلا ''نعم إننا نلمس الصحوة الثقافية في الجزائر''. اللغة العربية، علم النفس والخط العربي كتب نالت وافر الحظ من الاهتمام بجناح وزارة الثقافة السورية، حيث أكد لنا ممثل عن الوزارة أن سوريا شاركت بحوالي 300 عنوان وقد نفذت من العرض، وطلبها القارئ الجزائري بقوة''. من جهته أشار ممثل دار الوراق الأردنية إلى أن الجناح عجّ بالطلبة من مختلف المستويات العلمية، الذين كانت كتب مناهج البحث العلمي مقصدهم''. في حين وجد طلبة القانون ضالتهم بدار الهدى التي عرضت 96 عنوانا في العلوم القانونية، أما طلبة العلم النفس فقد استطاعوا أن يجدوا مختلف الكتب الخاصة بالتنمية البشرية وعلم النفس بمختلف روافده، حيث عرضت الدار 27 عنوانا في هذا الميدان، في حين حطمت السيدات الرقم القياسي في شراء كتب الطبخ العالمية والجزائرية، علاوة على كتب التجميل والصحة واتيكيت الحياة، يقول السيد قلاب ذبيح المدير العام لدار الهدى ''القارئ الجزائري شغوف ومحب للكتاب، وقد استقبلنا أعدادا هائلة من القراء وخاصة الشباب من طلبة في مختلف الأطوار والسيدات وحتى الأطفال الذين اشتروا مختلف قصص الأطفال''. كتب تعلم الإنجليزية بالأقراص المضغوطة الرقمية والنسخ المطبوعة شهد إقبالا عجز العارضون على وصف قوته، حيث اختار الكثير من الزوار تعلم الإنجليزية بقواعدها الصحيحة رغم أن سعر السلسلة المضغوطة لم يكن في متناول الجميع إذ تجاوز 4500 دج، إلا أن كل شيء يهون أمام ملكة الكتاب حسب ما أكده لنا بعض مستجوبينا من القراء الأوفياء للكتب.