يبدي الكثير من الجزائريين اهتماما كبيرا بالكتاب الديني، وهذا ما ظهر في معرض الكتاب الدولي الذي نظم مؤخرا في مركب 5جويلية، كتب الفقه والسنة، كتب تفسير الأحلام، مصاحف، كتب لتفسير القرآن، كتب لعلماء الدين، كتب لتفسيرات دينية مختلفة. كانت محل تهافت كبير من الزوار. فإلى ماذا يرجع هذا الإقبال الكبير على مثل هذه الكتب بالدرجة الأولى، رغم تنوع الكتب المعروضة؟ يلاحظ في الفترة الأخيرة الميول الكبير للكثير من القراء إلى كتاب الدين، الذي يسجل أكبر المبيعات عكس بقية الكتب الأخرى، ولعل من بين الأسباب الأولى التي تجعل هؤلاء القراء يميلون كل هذا الميل لها، هو التعرف على الدين الإسلامي الحنيف، ومحاولة إيجاد تفسيرات للكثير من المسائل، التي تشغل بال الأفراد والجماعات، ليكون الملجأ الوحيد الكتب الدينية لعلماء ومؤلفين معروفين بالتزامهم ونزاهتهم في نقل وشرح المسائل الخاصة بالدين الإسلامي، والتي في غالب الأحيان يصعب على البعض من العارفين بأمور الشريعة تفسيرها إن لم يعودوا إلى مثل هذه الكتب، خاصة في الوقت الذي أصبح فيه الكثير من الجزائريين يهتمون بكل ما يتعلق بالأمور الدينية، في ظل التناقضات الكثيرة التي تطغى عليها الفتوى بدون علم، مما أدى الى تغليط الناس في الكثير من المسائل. يقول رفيق من دار النشر "الوعي"، المختصة في كتب الدين: "الإهتمام بهذه الكتب لا يقتصر على فئة معينة، فعامة الناس هم من يهتمون بكتاب الدين، فقد شهدنا إقبالا كبيرا على هذه الكتب خلال مشاركتنا في المعرض الدولي للكتاب، خاصة وأننا خفضنا الأسعار الشيء الذي أظنه شد الكثير من القراء على الإهتمام بهذه الكتب". وتختلف الفئات التي تبحث عن مثل هذه المؤلفات، ومن بين هؤلاء عبد القادر الذي جاء من ولاية المسيلة خصيصا من أجل المعرض لنسأله لماذا كل هذا الإهتمام الكبير بهذه الكتب، وهو الذي اشترى 10 كتب، ليجيب: "أنا اشتغل كإمام في المسيلة وهناك الكثير من المسائل الجوهرية التي أتلقى فيها عدة أسئلة بشأنها، ومنه لا بد لي من الرجوع في الكثير من الأحيان إلى مثل هذه الكتب، فكما يقال اسألوا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون، لهذا فأنا أبحث دائما عن هذه الكتب المهمة، في فقه السنة والحديث، وأظن أن تنظيم مثل هذه المعارض أمر ايجابي ومفيد حيث يمكننا أن نجد ما نريده من كتب وبأثمان معقولة، وكما ترون قدمت من المسيلة واشتريت 10 كتب مختلفة". وحسب ما أكده لنا رفيق من دار النشر "الوعي"، فإن الكتب التي يكثر عليها الطلب، هي لابن القيم الجوزية وتفسير الأحلام والتفسير السعدي ميسر و"التاريخ البداية والنهاية" الأكثر طلبا من القراء، في الحديث فتح الباري ورياض الصالحين، تفسير ابن كثير، فقه المالكي إلى جانب مصاحف قرآنية. ومن بين المقبلين كثيرا على هذه الكتب، التجار الذين يتفاوضون مع أصحاب دور النشر لتخفيض الأسعار حتى يتمكنوا من إعادة بيعها مرة ثانية، يقول رفيق من دار النشر "الوعي" في هذا الصدد: "نتلقى العديد من الزبائن الذين يريدون إعادة بيع هذه الكتب من جديد ونحن شخصيا لا نتعامل مع هؤلاء، لأننا نحن من نقوم ببيع هذه الكتب في محلاتنا الخاصة، هؤلاء كانوا يتعاملون أكثر مع دور النشر الأجنبية، حيث يقوم الأجانب بالتعامل معهم وبيع الكتب من أجل إعادة بيعها في الشارع، إلا أنهم هذا العام لم يقوموا بالبيع لصالح هؤلاء". وتقبل على هذه الكتب بعض السيدات، نظرا لطابعها الجمالي لتزين بها رفوف المكتبات في البيوت، كما قالت إحدى السيدات أنها اغتنمت الفرصة لشراء بعض الكتب المختلفة مؤكدة أنه على الأقل سيقرؤها الأطفال مستقبلا، كما يقبل عليها الطلبة الجامعيون، خاصة طلبة الشريعة والعلوم الإسلامية. ويبقى للكتاب الديني مكانته في المجتمع الجزائري، حيث يفضله الكثير من الناس على بقية الكتب الأخرى وهذا من أجل معرفة دينهم، ومن جهة أخرى عدم الخطأ في الكثير من المسائل الدينية المستعصية، خاصة وأن الكثير من الناس يتابعون مختلف القنوات الفضائية الإسلامية ويتابعون بكل تركيز الكثير من البرامج الدينية التي يقدمها دعاة من مختلف البلدان العربية، وهذا ما يجعل البعض ممن يسعون إلى التفقه في الدين الإسلامي للتوجه إلى هذه الكتب المساعدة على تدعيم ما يقوله هؤلاء الدعاة أونفيه.