شرعت مديرية الشؤون الإجتماعية لولاية الجزائر، في عملية إحصاء المتسولين والمتشردين الذين احتلوا شوارع العاصمة، واتخذوا العديد من الأحياء والتجمعات السكانية مأوى لهم، كما ضبطت المديرية مخططا وبرنامجا لمعالجة ومحاربة هاتين الظاهرتين. وتشير أولى الأرقام المسجلة إلى غاية شهر نوفمبر المنصرم، إلى أن 93 بالمائة من حالات التسول والتشرد المسجلة بالعاصمة تأتي من خارج الولاية، في حين بلغت نسبة المتسولين والمتشردين المنتمين لولاية الجزائر نسبة 7 بالمائة. وضمن مخطط إعادة الإعتبار لولاية الجزائر وتطهير المدن والأحياء من الظواهر السلبية والحفاظ على سمعتها، تم الشروع في عملية إحصاء، جمع وإيواء المتشردين والمتسولين والأشخاص من دون مأوى، وذلك منذ الصائفة الماضية وتحديدا عشية شهر رمضان الماضي، غير أن العملية عرفت العديد من المشاكل والصعوبات في التعامل مع هذه الفئات، لاسيما فئة المتسولين الذين يتخذون من حرفتهم مصدر رزق دائم لهم، رافضين جميع أشكال المساعدات المقدمة لهم. وحسب مديرة النشاط الإجتماعي لولاية الجزائر السيدة بن ميلود في تصريح ل''المساء''، فإن عملية إحصاء المتسولين بالولاية، كشفت أن الظاهرة في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون مجرد ''ابتزاز منظم'' من قبل عصابات وشبكات، تمتهن التسول باستغلال الأطفال والمعوقين والنساء والمحترفين في هذه الظاهرة، والأخطر من ذلك تسجيل عدد من الأطفال المكفولين والزج بهم في هذه الظاهرة للإحتراف. في هذا الإطار، تم تكليف خلايا تضم ممثلين من الأمن التضامن والجماعات المحلية، وتعمل تحت إشراف المديرية للقيام بتحقيق ميداني موضوعه تشخيص وإحصاء الأشخاص المتسولين على مستوى عدد من بلديات ولاية الجزائر، بحيث تم إحصاء عدد معتبر منهم بالإضافة إلى التحقيق مع 130حالة، وقد كشفت النتائج الأولية ومنذ الوهلة الأولى، أن لهذه الفئة ميزات وخصائص متميزة. ومن أهم الملاحظات المسجلة هو سن المتسولين المتراوح ما بين 10 و82 سنة، بالإضافة إلى أن نسبة النساء تمثل أكثر من 70 بالمائة، ضف إلى ذلك وجود أشخاص متسولين من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة خاصة المعاقين حركيا، وكذا أشخاص متسولين من خارج الولاية وهم يمثلون أكبر نسبة من المتسولين تفوق ال93 بالمائة. وتضيف مديرة النشاط الإجتماعي لولاية الجزائر، أن الغالبية الساحقة من المتسولين الذين تم التحقيق معهم، رفضوا مقترحات المديرية في إعادة إدماجهم وتشغيلهم في مناصب شغل لائقة، تضمن لهم كرامتهم ومدخولا شهريا دائما ومضمونا، بحيث اعتبر معظمهم المنحة المقدمة بالضعيفة، ولا تغطي احتياجاتهم، ضف إلى ذلك فإن ما يحققونه من أرباح شهرية يفوق بكثير ما اقترحته عليهم الولاية، علما أن أبسط متسول يحقق ما بين 30 ألف و40 ألف دج شهريا. وفيما لا تزال عملية إحصاء المتسولين متواصلة، أشارت المتحدثة إلى أن الولاية قررت تحويل عدد من المتسولين إلى ولاياتهم الأصلية مع وضع الأطفال بمراكز متخصصة، فيما تقرر متابعات قضائية ضد الأشخاص المحترفين الذين رفضوا التخلي عن ممارسة نشاطهم، رغم تحذيرات مصالح الأمن والجهات الوصية. ومن جهة أخرى، تكتسي عملية جمع وإيواء الأشخاص دون مأوى أهمية بالغة، حيث سطرت اللجنة الولائية برنامج عمل ميدانيا مكثفا، بالتنسيق مع كل المقاطعات الإدارية، وكل البلديات التابعة لولاية الجزائر، ويتمثل في الخرجات اليومية (ليلا ونهارا) لفرقة متنقلة، تقوم بالتدخل الميداني لإعانة هذه الفئة والإعتناء بهم بالمراكز المختصة ودور المسنين أو المعوقين، التي تستقبل هذه الفئة بكل من ''دار الحسنة''، ''مؤسسة الإسعاف الإجتماعي''، ''ديار الرحمة'' و''دارنا'' بالمحمدية.