في لحظات الضعف·· المواقف الصعبة·· الخوف·· القلق·· الحزن يجد الشخص نفسه مرهقا مثقلا بالهموم،··· يحتار في أخذ القرار·· يبحث عن الإستشارة·· ولأنه عاجز وغير قادر على تحمل أعباء تلك التغيرات النفسية أو الاجتماعية يلجأ الى شخص عزيز اسمه "الصديق" وبصدر مفتوح وبدون مقص أو روتوشات يقص عليه ما أرهقه، وبمجرد طرح جملة الهموم أمام هذا الشخص الوفي تقل حدة الشعور بالخوف·· أو الغضب وتسكن الروح·· إنه مفعول الصداقة الحقيقية الذي يشبه الى حد كبير فعل السحر·· إلا أن هذا المصطلح الضخم في معناه غدا عنصرا نادر الوجود في أيامنا بسبب التغيرات التي عصفت بحياة الأفراد· ابتلع الخداع الصداقة!! لا يختلف اثنان على أن الصديق الوفي موجود في كل الأماكن، لكن في خضم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي تركت بصماتها في طباع وتصرفات الأشخاص يؤكد الكثيرون أن الصديق الصدوق الوفي أصبح عملة نادرة في أيامنا بل أكثر من هذا حلم بعيد المنال يقول خالد 24 سنة "اكتشفت ضرورة الصداقة في سن المراهقة، حيث كان لدي صديق حميم كنا نتقاسم كل شيء·· حتى السندويش··· حتى عائلته كانت بمثابة عائلة لي·· لكن للأسف عمر الأشياء الجميلة قصير جدا·· فقد سافرت عائلته بعيدا وأصبح تواصلنا مستحيلا جربت حظي في الحصول على صديق آخر·· إلا أني اكتشفت أني أخطأت الاختيار، حيث كان صديق سوء وكاد أن يقدف بي للسجن بعد عملية سرقة قام هو بها وحاول الصاقها بي·· لقد فقدت الثقة بالأصدقاء وأخذت قرار عدم الثقة في أي شخص كان·· لقد كانت تجربة قاسية جدا· أما وفاء 24 سنة فترى أن ايجاد صديق وفي من سابع المستحيلات في هذا الزمان بسبب طغيان الأنانية والتفكير السلبي تقول "أنا شخصيا أفكر مليا قبل تكوين صداقة مع أي فتاة أو شاب وأضع نصب عيناي كل الاحتمالات السلبية في العلاقة، لأني عانيت الأمرين بسبب علاقة صداقة كاذبة·· وأنا شخصيا لا ألوم الصداقة فهي أجمل شيء في الوجود، لكن ألوم الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم أصدقاء·· ويطلقون على ذاتهم لقب صديق·· فقد كانت لدي صديقة أحب الي من ذاتي بعد ثلاث سنوات ونصف من العشرة وتقاسم الأسرار والهدايا وحتى لقمة الطعام··· سلبت مني خطيبي حب حياتي لقد طعنتني وحطمت نفسيتي·· بسببها حولت الى العلاج النفسي لكن ألية الخداع التي تعرضت لها وحصول انهيار عصبي لي يوم زفافها مع حبيبي جعلني أكره الدنيا وما فيها"·· هيمنة المادة !! أما ابراهيم 30 سنة موظف فيرى أن المنطق المادي أصبح يتحكم في أوجه الصداقة يقول "في السابق كان اختيار الصديق يتم عن طريق التقارب الروحي والصفاء الداخلي والشعور بالأمان والأنفة والثقة التي يتصف بها الطرفان أما الآن فقد أصبح للجانب المادي تأثيرا كبيرا، فصحبة الغني مطلوبة جدا والغرض منها ظاهر ولا يحتاج للتفسير··· إنها للأسف هيمنة المادة في اختيار الأصدقاء· الصداقة موجودة وبقوة! في حين دافع عبد المجيد 34 سنة عن الصديق الوفي بكل المصطلحات والكلمات الإيجابية التي يعرفها مدعما حديثه بلغة الإشارات وحمد الله على نعمة الصديق الوفي يقول "أنا أعترف بوجود الصداقة وأقدسها··· إنها أجمل شيء في الوجود·· فأنا شخصيا لدي صديق عزيز وهو صديق الطفولة·· علاقتنا ممتدة على عقدين من الزمن درسنا سويا ونجحنا سويا·· نتقاسم الأسرار والأفكار حبنا أخوي عميق جدا ولا يمكن لأي دخيل مهما كان جنسه ذكرا أو أنثى أن يفسد عشرتنا فقد وصلنا الى درجة الأخوة بل أكثر من هذا في الكثير من الأحيان عندما أسافر للعمل أعهد إليه عملية التكفل بأسرتي دون خوف·· إني أثق فيه مثل نفسي وهو الأمر ذاته الذي أفعله معه·· لقد وهبني الله كنزا ولن أضيعه"· وترى أمال 35 سنة متزوجة وأم لطفلين أن الصداقة موجودة لكن نادرة وأنها تحتفظ بصديقة العمر التي أمضت معها 10 سنوات كاملة في أجواء من التآخي والود والصفاء بعيدا عن الأفكار السلبية بعدما اختبرت الواحدة منهن الأخرى في عدة مواقف ممتزجة بين الحزن والفرحة، المال والإخلاص تقول "لقد كانت صديقتي أختا حنونا وأما رؤوما وأنا أعترف بالصداقة حتى أنها الأم الثانية لأبنائي الذين تقتسم محبتهم معي بدون أن أتضايق··· لكنها فعلا تستحق كل هذا الود·