في مبادرة هي الأولى من نوعها، نظمت مصلحة علم الأوبئة والطب الوقائي التابع للمركز الاستشفائي محمد لمين دباغين (مايو سابقا) بباب الوادي مؤخرا أبوابا مفتوحة حول كيفية الوقاية من مخاطر التسمم بغاز أحادي أكسيد الكربون، حيث حملت الأبواب شعار ''التهوية ضرورية حتى في فصل الشتاء''، ويرجع السبب في اختيار هذا الشعار حسب الطبيبة فازية مرزوقي إلى ارتباط معظم الحوادث الناجمة عن الغاز بعدم تهوية المنازل عند استخدام أجهزة التدفئة. استهدفت الأبواب المفتوحة حول مخاطر غاز أحادي أكسيد الكربون بالدرجة الأولى المواطنين، وذلك بغية توعيتهم بضرورة تهوية منازلهم عند استخدام مختلف الأجهزة التي تعمل بالغاز، وقد اختيرت مكتبة المركز الاستشفائي كمكان استراتيجي لاستقطاب المارة ودعوتهم في خمس دقائق للتعرف على ''القاتل الصامت''، وفي لقاء جمعنا مع الطبيبة فازية مرزوقي المشرفة المباشرة على الأبواب المفتوحة، حدثتنا عن الخطوط العريضة المرجوة من هذه الحملة التوعوية التي لّخصتها في ثلاث نقاط اعتبرتها أساسية ورتبتها على النحو التالي:
تعريف المواطنين بغاز أحادي أكسيد الكربون كخطوة أولى قالت الطبيبة فازية ''كما تعلمون نحن في فصل الشتاء، الموسم الذي تميل فيه الأسر الجزائرية إلى إغلاق كل منفذ موجود بالمنزل بغية تأمين الدفء اللازم، متناسية أن هناك قاتلا صامتا يتربص بالأرواح يحوم حول الأجهزة التي تعمل بالغاز، ولأننا بصدد التوعية رغبنا من خلال هذه الأبواب أولا أن نقوم بتعريف غاز أحادي أكسيد الكربون الذي كان يسمى عند ناس زمان ''بالمرعوب'' حيث نوعي المواطنين بأنه غاز عديم الرائحة وعديم اللون ولا طعم له، وينتج عن الاحتراق غير التام للكربون والمركبات العضوية مثل'' الفحم والحطب والبترول والمازوت والبنزين وغاز البوتان'' هذا الغاز الخطير ينبغي لكل المواطنين أن يعلموا أنه يأخذ مكان الأكسجين في الدم وعوض أن يقوم بروتين ''الهيموغلوبين'' المسؤول عن نقل الأكسجين بالدم بنقل الأكسجين يقوم بنقل غاز أحادي الكربون الى جميع الأعضاء الحيوية بالجسم، ويشكل خطورة كبيرة خاصة على القلب والجهاز العصبي، وللعلم فغاز أحادي أكسيد الكربون لديه خاصية التشبث بالبروتينات أكثر من الهواء بمعدل 320 مرة ما يسرع انتشاره في الجسم''.
توعية المواطنين من أعراض التسمم بالغاز ضرورة لابد منها قد يجهل الكثير من المواطنين الأعراض الأولى التي تدل على وجود تسرب للغاز في المنزل، وهو ما يؤدي إلى وقوع الكوارث، ومن أجل هذا اعتبرت الطبيبة أن التركيز على الأعراض التي تدل على وجود غاز في المنزل ضروري، وينبغي ان يحفظها المواطن كبيرا وصغيرا عن ظهر قلب، وأن يتحرى الأمر ويتأكد منها سريعا، ومن أهم هذه الأعراض تقول المتحدثة ''نحن كأطباء نميز بين نوعين من الأعراض، فلدينا أعراض تخص التسمم الحاد، وهي التي تظهر على شكل ألم في الرأس وغثيان وشعور بالدوار من غير سبب، إلى جانب حدوث اضطرابات بالرؤية، وإذا كان معدل الهواء قليلا بالمنزل قد ينتج عن ذلك فقدان للوعي قد يصل الى حد الغيبوبة، ومن ثم الوفاة وللعلم إذا كان تركيز الغاز بالغرفة في حدود 1,0 بالمئة في الهواء تحدث الوفاة في ظرف ساعة، أما اذا كان تركيز الغاز 1 بالمئة فإن الوفاة تحدث في ظرف 15 دقيقة، بينما إذا بلغ تركيز الغاز 10 بالمئة فإن الوفاة تحدث سريعا''. أما بالنسبة للتسمم المزمن - أضافت المتحدثة - ''هو الذي نعتبره خطيرا على الرغم من أن تركيزه في الهواء ضعيف، أي أن الغرفة بها غاز أحادي أكسيد الكربون ولكن بنسبة ضعيفة ويستمر طويلا بحكم أن أفراد الأسرة لم يشعروا به لعدم وقوع ضحية، ولكن مع مرور الوقت تؤثر تلك النسبة القليلة على الجهاز العصبي، فيقال مثلا فلان قلق، ولكن حالة القلق في واقع الأمر ناجمة عن تعايشه مع ذلك الغاز دون معرفته، لذا ينبغي للمواطنين أن يحترسوا جيدا خاصة بالنسبة لهذه النقطة بالذات''.
التدابير الوقائية عند وقوع التسمم بغاز أحادي أكسيد الكربون اعتبرت الطبيبة فازية الجزء الخاص بالتدابير التي ينبغي القيام بها عند وقوع تسممات من النقاط الأساسية في الحملة التوعوية، لاسيما وأن البعض لا زالوا يجهلونها، وتظهر الأهمية في تجنب وقوع كارثة إن صح التعبير، وإنقاذ الضحية، ومن بين هذه التدابير قالت المتحدثة ''ينبغي على كل المواطنين أن يعلموا أنه عند الشك في وجود غاز أحادي أكسيد الكربون من خلال ما يتوفر لديهم من أعراض مزمنة أو حادة أن يتجنبوا إحداث أية شرارة كهربائية، كإنارة الغرفة أو الإجابة على الهاتف لتجنب حدوث انفجار، ويقابل هذا الإجراء الإسراع في تهوية المكان بفتح النوافذ والأبواب، بعدها ينبغي التعجيل في إخراج الضحية إلى فضاء مليء بالهواء ومحاولة إسعافه ليستنشق الهواء النقي. بعدها يتم إيقاف تشغيل كل الأجهزة التي تعمل بالغاز على اعتبار أن المسؤول عن التسرب غير معروف، ويتم في ذات الوقت الاتصال بالمختصين في هذه الأجهزة من أجل القيام بمراقبتها وصيانتها أو استبدالها إن دعت الضرورة لذلك''. ولأنه لا بديل عن الوقاية، شددت الطبيبة مرزوقي من خلال الأبواب المفتوحة على جملة من النقاط الوقائية التي يأتي في مقدمتها الحرص على اقتناء أجهزة من نوعية جيدة، وإيكال مهمة تركيبها الى شخص مختص، وقبل العمل على تشغيلها ينبغي القيام بمراقبتها على الأقل مرة بالسنة، وهناك إجراء بسيط تنصح المتحدثة كل المواطنين القيام به لتأمين السلامة المنزلية، ويتمثل في مراقبة شعلة الأجهزة التي تعمل بالغاز، فإن كانت الشعلة صفراء أو برتقالية فهذا يعني أن الاحتراق غير تام وبالتالي لابد من مراقبة الأجهزة وصيانتها، وإن كانت الشعلة زرقاء فهذا يعني أن الاحتراق جيد والأجهزة تعمل بصورة صحيحة، ومن أجل الاطمئنان أكثر تنصح المتحدثة المواطنين بضرورة اقتناء جهاز كاشف للغاز الذي يكشف عن وجود غاز أحادي أكسيد الكربون في المنزل، وبالتالي يؤمن الحماية لأفراد الأسرة في حال الغفلة.
المواطنون يستحسنون المبادرة لقيت الأبواب المفتوحة حول التوعية والتحسيس والوقاية من أخطار التسمم بغاز أحادي أكسيد الكربون، أو ما يسمى ''بالقاتل الصامت'' ترحيبا كبيرا من المواطنين الذين أقبلوا عليها طلبا لبعض التوضيح ولطرح بعض الانشغالات حول الغاز، وتقديم بعض الاقتراحات حول طرق التوعية وللخروج بنتيجة جيدة من وراء تنظيم هذه الأبواب تفطن الفريق الطبي المشرف على الأبواب إلى إعداد قائمة من الأسئلة تطرح على الوافدين عليهم من المواطنين وبعد تقديم الشروح تطرح عليهم الأسئلة لمعرفة مدى استفادتهم ويطلب منهم تقديم بعض الاقتراحات حول الطريقة المفضلة في التوعية والتي انصبت بالنظر لأولى القوائم المعبأة حول وسائل الاعلام كالتلفزة وتعليق منشورات بالشوارع. حيث تقول الطبيبة فازية ''نحن بصفتنا مصلحة خاصة بالوقاية نهدف الى توعية الناس تفاديا لوقوع الحوادث وقد لاحظنا أنه منذ بدأت وزارة الصحة تعمل بالتنسيق مع مصلحة سونلغاز والحماية المدنية أن هناك انخفاضا في عدد الحوادث لسنة 2010 بالمقارنة مع سنتي 2008 و2009 وأعتقد بأنه ''إذا رغبنا في الحد الفعلي من الحوادث لابد لنا من تكثيف الحملات والتنويع فيها حتى يتمكن المواطنون من استيعابها بما في ذلك الأطفال''. ورغبة منا في معرفة انطباع المواطنين اقتربت ''المساء'' من بعض الوافدين على المكتبة مكان العرض، فكانت البداية مع السيد ليلى زربوط ذات 61 سنة من عمرها، إذ حدثتنا قائلة ''قصدت هذه الأبواب المفتوحة بدافع الفضول لمعرفة ما يقدم من معلومات، ولأن الأمر يتعلق بالغاز ونحن بموسم البرد أدركت أن الأمر يهمني، فتقربت من الطبيبات اللواتي قدمن لي شروحا وافية، بعدها سألوني من خلال قائمة الأسئلة المعدة لمعرفة إن كنت قد استوعبت ما قدم لي من معلومات، وقد أعجبني السؤال الأخير حول أي الطرق نفضلها في التوعية، وأعتبر أن أفضل طريقة في التوعية هي المنشورات التي تعلق بالشوارع، حيث يتسنى للجميع الاطلاع عليها وحتى وإن كانوا لا يعرفون القراءة يمكن فهمها بالصور'' بينما حدثنا ناصر وهو تاجر عن رأيه في هذه الحملة قائلا ''حقيقة هذه الحملات التحسيسية مهمة جدا خاصة وأنها توعي الناس بخطورة ''المرعوب'' أو الغاز ولكن حبذا لو أن هذه الحملات تطال سكان الأرياف الذين باتوا اليوم مزودين بالغاز ويجهلون ما ينتج عن سوء استخدامه من مخاطر'' في حين حدثنا المواطن محمد قريش عن استحسانه لمثل هذه المبادرة وقال ''لفتت انتباهي الشعارات التي تم تعليقها خاصة عبارة ''تعرفوا على القاتل الصامت في خمس دقائق'' ورغم أني اعرف مخاطر الغاز إلا أني تأكدت بعد احتكاكي بالأطباء المشرفين على الأبواب أني أجهل بعض الأمور المهمة الخاصة بالوقاية والإسعاف، في حين قالت الحاجة فاطمة مهدي إن هذه الأبواب المفتوحة جيدة لأنها تعرّف الناس كيف يحافظون على أرواحهم في الشتاء بتهوية المنازل وعدم إغلاق منافذ الهواء''.