لم يكن اللقاء الذي نظمته أمس، كنفدرالية اطارات المالية والمحاسبة بمقر وزارة المالية، لتكريم الاطارات النسوية لهذا القطاع مجرد مناسبة لتلقي الورود والتهاني، بل كان كذلك فرصة لاستعراض المجهودات التي تبذلها المرأة التي تمثل ربع عمال المالية وكذا المشاكل والعراقيل التي تحول دون تنمية دورها الاقتصادي لاسيما في هذا المجال· اللقاء الذي حضره الامين العام لوزارة المالية ورئيس كنفدرالية اطارات المالية والمحاسبة كريم محمودي، والذي ينظم لاول مرة، أريد له ان يكون منبرا للنساء العاملات في هذا القطاع للحديث ليس بلغة الارقام كما تعودن عليه بل بلغة القلب الذي ظهر انه كان مثقلا بالهموم· فالقطاع المالي الذي يوجد في لب الاصلاحات الاقتصادية التي تعيشها الجزائر منذ اكثر من عشرية يبدو فيه العنصر البشري المفتاح الحقيقي لإنجاح الاصلاح والوصول الى التغيير المنتظر· والمرأة التي تمثل 25 بالمائة من إجمالي إطارات المالية بكل فروعها من ضرائب وجمارك وخزينة، فحسب الامين العام للوزارة بإمكانها ان تلعب دورا محوريا في هذا الاتجاه· واعتبر محمودي ان تنظيم هذا اللقاء يُرجى منه إحداث تقارب بين الإطارات والسلطات وكذا تسليط الضوء على النضال النسوي في هذا القطاع الذي كثيرا ما يتم في الظل، مشددا في السياق على ضرورة تجاوز العمل بنظام الحصص أو الكوطات أو "نظام الديكور" كما وصفه في منح مناصب عليا للمرأة، داعيا إلى تغليب عنصر الكفاءة· أمر شاطرته إياه كل النساء المتدخلات في هذا اللقاء اللواتي أكدن أنهن يؤمن بمبدأ "العمل كقيمة وحيدة ومعيار وحيد في تولي المسؤوليات"· فالمرأة كما أشرن لا تنتظر صدقة أو هبة لا تستحقها ولكنها تنتظر من المسؤولين تقييمها بكل موضوعية وإعطاءها حقها بدون زيادة أو نقصان في وقت اعترفن فيه أن الكثير من الكفاءات النسوية تعيش حالة تهميش وتمييز لأسباب عديدة·وتأسفت في هذا السياق إحدى إطارات المالية من القول بأن للمرأة مشاكل مع الأرقام واعتبرت أن العدد الكبير من الإطارات الحاضرة في اللقاء تؤكد بطلان هذا الادعاء بل وتظهر ان "المرأة تحب التعامل مع الأرقام"· ومن أسباب التهميش والتمييز التي ركزت عليها نساء القطاع هو الحالة الاجتماعية للمرأة، حيث أشارت إحداهن إلى أن زواجها وتحولها إلى أم كان سببا مباشرا وراء تهميشها· كلام عبّرت كل النساء عن موافقتهن عليه بل وطالبت أخرى بتمديد فترة عطلة الأمومة باعتبار أن الدور الأول للمرأة ما يزال هو تربية النشء والأجيال المقبلة· وبدا الوعي بهذا الدور كبيرا لدى إطارات المالية اللواتي أسهبن في الحديث عن مشاكلهن المهنية بعد تردد بدا واضحا في بداية النقاش ربما لأنهن غير متعودات على الكلام بكل هذه الحرية أو لأنه كما يقال "تأتي الشهية مع الأكل" ··· في كل الأحوال فإن قطاع المالية يبدو اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى إطاراته النسوية الكفيلة بتحقيق الاصلاحات· للإشارة كرّمت الكنفدرالية بالمناسبة عددا من الاطارات النسوية للقطاع المنتميات الى مختلف الفروع كما كرّمت صحافيات من ثلاث جرائد وطنية اضافة الى صحفية من الإذاعة الوطنية يعملن في المجال الاقتصادي والمالي، كما فتحت الباب امام الراغبين في الانخراط بها