بعد أسبوع من الانتظار والترقب خرجت السلطات المغربية عن صمتها لإبداء موقفها من نتائج جولة المفاوضات الرابعة غير المباشرة بينها وبين جبهة البوليزاريو التي جرت تحت رعاية الموفد الأممي كريستوفر روس أيام 16 وإلى غاية 18 من الشهر الجاري بمنتجع مانهاست الأمريكي. وقال وزير الخارجية المغربي طيب فاسي الفهري دون إقناع في موقف ما انفك يكرره رفقة وزير الإعلام خالد الناصري أن حظوظ نجاح هذه المفاوضات تبقى ''ضعيفة'' بدعوى غياب الاستعداد لدى ''الأطراف الأخرى'' في النزاع لتحقيق ذلك. وذهب الفهري إلى حد القول أن حظوظ النجاح منعدمة أصلا من أجل التوصل إلى تسوية سلمية مقبولة من طرف جميع الأطراف. ويكون الفهري بمثل هذا التصريح الزائف الذي أدلى به أمام نواب البرلمان المغربي قد قفز عمدا على حقائق الواقع عندما راح كعادة المسؤولين المغربيين إلى تحميل الطرف الصحراوي ومعه الجزائر مسؤولية إفشال هذه المفاوضات والتي سبقتها وتلك التي ستأتي. ومفهوم المفاوضات بمنطق الرباط أن تتماشى مع فكرة الحكم الذاتي، أما ماعدا ذلك فهو مخالف لروح أية مفاوضات والأهداف المرجوة منها. كما أن الوزير المغربي بإقحامه الجزائر في كل مرة في هذه المفاوضات والزعم أنها المتسبب في فشلها يعد نفاقا دبلوماسيا وتزييفا لحقائق قائمة يعرفها الرأي العام المغربي قبل غيره لحقيقة واحدة هي أن الرباط قبلت منذ 1991 التفاوض مع طرف اسمه جبهة البوليزاريو من منطلق خلاف ثنائي بينهما ولكن الفهري وغيره من المسؤولين المغربيين أراد هذه المرة أيضا أن يقفز على الحقيقة باستعماله لعبارة ''الأطراف الأخرى'' لإقحام الجزائر في قضية تعنيها فقط من حيث موقعها الجغرافي أو من حيث موقفها المؤيد لقرارات الشرعية الدولية. وإذا سلمنا أن الطرف المغربي كان جادا في تعاطيه مع هذه المفاوضات وجبهة البوليزاريو هي المتشددة في مواقفها فإن سؤالا يطرح عن الطرف الباغي أهو هذه الأخيرة على اعتبار أنها قبلت بكل البدائل المقدمة من طرف كريستوفر روس وقبله جيمس بيكر أم هي الرباط التي تمسكت وتصلبت في مواقفها باعتبار الحكم الذاتي الخيار الأوحد والوحيد الذي لا يمكن لأي مفاوضات أن تتم خارج إطاره؟ والمؤكد أن الإجابة لا تستدعي كثيرا من التفكير للقول بأن الطرف المعتدي عادة ما يفتعل المبررات التي تمليها عليه نزعته الاستعمارية لقول ما أراد ولا يهم درجة مصداقيتها أو من يصدقها. والأكثر من ذلك فإن التبريرات المغربية تدحضها اعترافات الموفد الأممي الذي أكد أن الأطراف مازالت متمسكة بمواقفها في تأكيد على أن البوليزاريو تقبل بطرح بدائل الحكم الذاتي والانضمام إلى المغرب والاستقلال ضمن قائمة الخيارات المطروحة على الطاولة ولكن المغرب ''الديمقراطي'' يصر على رفضها بمنطق تعنتي لا يقبله عاقل ولا يسانده فيه إلا فرنسا ''حقوق الإنسان''.