يشكل تسيير الأحياء السكنية الجديدة بمختلف بلديات العاصمة، على غرار الولايات الأخرى، هاجسا كبيرا بالنسبة لدواوين الترقية والتسيير العقاري، التي تجد صعوبة كبيرة في الحفاظ على الإطار المبني من العمارات وما يحيط بها من مساحات وملحقات، لاسيما مع عمليات الترحيل وإعادة الإسكان التي تخصصها الدولة لقاطني البيوت الهشة والقصديرية والشاليهات، مما يتطلب الإسراع في تكوين جمعيات أحياء، للتنسيق مع دواوين الترقية قصد الحفاظ على هذه المكاسب، وعدم تركها عرضة للإهمال والتدهور. وقد أثبتت التجارب، أن السكان الشاغلين للشقق بالأحياء الجديدة لم يعطها كامل الاعتناء والاهتمام، ولم يتحملوا مسؤولية التسيير، تاركين الأجزاء المشتركة في وضعية لا تحسد عليها، خاصة في غياب جمعيات ولجان الأحياء التي صار تأسيسها أيضا مكبلا بالعراقيل الإدارية، التي تزيد في تعطيل الأمور وتنفير المواطنين، عن المساهمة في عملية التسيير. ويرجع بعض سكان الأحياء الجديدة بالعاصمة هذه العراقيل والتأخر في تكوين هذا الإطار الإجتماعي، إلى مستوى التحضر لدى المواطنين، وعدم تحلّيهم بثقافة ''تحمّل المسؤولية'' وجهلهم للحقوق والواجبات، ويزداد هذا المشكل تعقدا، عندما يتعلق الأمر بعدم تجانس وانسجام الذهنيات وتباين المستويات، مما يؤخر عقد جمعيات عامة والقيام بالخطوات الأولى في ترتيب البيت. وفي ظل هذا التأخر، اضطر ديوان الترقية والتسيير العقاري، إلى إقناع المواطنين لاختيار ممثلين عنهم لتحمّل مسؤولية صيانة الحي والمساهمة في حماية الأملاك المشتركة، لاسيما بتلك الأحياء السكنية الجديدة التي وقعت بها مشادات وشجارات بين المرحلين والسكان المجاورين، كبئر توتة وتسالة المرجة وبراقي، حيث قام السكان بتشكيل ''جمعيات صورية'' - في انتظار الجمعيات الرسمية- للتنسيق مع الديوان والسهر على الأملاك المشتركة، وقد أعطت هذه التجربة نتائج مرضية - حسب بعض السكان - وصار هؤلاء الممثلون يساهمون في حل العديد من المشاكل العالقة، منها المحافظة على المحيط والحراسة والاعتناء بالتنظيف وتبليغ انشغالات السكان إلى الديوان، فيما تبقى بعض الأحياء الجديدة بدون ممثلين، مما يجعل مشكل التنسيق مطروحا. وفي زيارتنا إلى أحياء السبالة بالدرارية وحي عين المالحة ببئر الخادم والكاليتوس، لاحظنا تهافت الأطفال على حدائق التسلية التي غصت المرحلين الجدد، كما استقدم العديد من السكان بعض العادات التي تضر بالمحيط كالرمي العشوائي للنفايات خاصة الأطفال، وكذا استعمال حظائر ركن السيارات إلى ملاعب، مثلما هو الحال بالنسبة لحي 500 مسكن بالكاليتوس، حيث لاحظت ''المساء'' أن شباب الحي لا يتورعون عن تنظيم مباريات وسط الحي، مما يعرّض مصابيح الإنارة العمومية للكسر، وإفساد المساحات الخضراء التي أنفقت عليها الدولة الملايير، إلى جانب تلطيخ الجدران الخارجية للعمارات، وقد تأسف بعض السكان الجدد الذين التقيناهم بالكاليتوس لمثل هذه التجاوزات، وأكدوا أنهم مستعدون للمساهمة في صيانة الحي. وذكر لنا أحد سكان الحي الجديد ببئر توتة، أن جيرانه قاموا بتنظيم أنفسهم وحلوا المشاكل العالقة ومنها تنظيف سلالم العمارات وتنظيف المحيط كل يوم جمعة، مما ترك انطباعا طيبا لدى السكان، وارتاح له مستخدمو ديوان الترقية والتسيير العقاري. وبرأي بعض مستخدمي ديوان الترقية، فإنه من الضروري ''إلزام'' السكان الجدد بالتسريع في عقد جمعيات عامة، وتسهيل الإجراءات الإدارية، وعدم الإعتماد على رغبات السكان في تكوين جمعية حي من عدمه، لأن العديد من الأحياء الجديدة لا يتمكن مواطنوها - بسبب اللامبالاة والتواكل- من عقد الجمعية العامة وجمع توقيعات السكان ومنه تحديد المكتب المنتخب.