تقاطعت تصريحات الأحزاب السياسية في وصف سلوك المضاربين في المواد الواسعة الاستهلاك ب''الاستفزازية'' ودعت الشباب المحتج إلى التعقل وتغليب صوت الحكمة وتفويت الفرصة وقطع الطريق أمامهم حتى يتم إفشال مخططاتهم. وتُجمع العديد من التشكيلات الأساسية الوطنية على أن الاحتجاجات التي شهدتها بعض مناطق الوطن لم تكن لتقع لو لم تقم لوبيات ومضاربون بالتلاعب بمشاعر الشباب والقدرة الشرائية للمواطن، ونددت بكل التصرفات التي تؤدي إلى تخريب وسلب الممتلكات العمومية والخاصة. واتهم الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي السيد ميلود شرفي لوبيات بمحاولة زرع ''البلبلة'' في الأوساط الشعبية بعد أن ضيقت عليها الحكومة الخناق بفضل الإجراءات المتخذة في قانون المالية التكميلي لسنة 2009 والتي ساهمت في تنظيم السوق أكثر. ويرى السيد شرفي في اتصال مع ''المساء'' أن المضاربين هم الذين يقفون وراء الارتفاع الفاحش لأسعار بعض المواد الاستهلاكية بعد أن تضررت مصالحهم بجملة التدابير المتخذة من طرف السلطات العمومية لتنظيم السوق، وأوضح أن إجراءات حماية السوق الوطنية أزعجت تلك الأطراف وهو ما دفعها إلى اللعب بمشاعر الشباب وبالقدرة الشرائية. ودعا السيد شرفي الشباب إلى التعقل والتحلي باليقظة وقطع الطريق أمام هؤلاء المضاربين، مؤكدا أن الحكومة ستبقى ساهرة على حل كل المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المواطن. وفي نفس السياق، عبر الناطق الرسمي باسم حزب جبهة التحرير الوطني السيد قاسى عيسي عن رفض حزبه لما يحدث من أعمال شغب وتخريب للممتلكات العامة والخاصة، وأوضح أنه إذا كانت المطالب المرفوعة من طرف المحتجين مشروعة إلا أن الوسائل المستخدمة وطريقة التعبير عنها لا يجب أن تكون بالنهب والتخريب. وأعرب المتحدث في تصريح أمس، عن ارتياح الأفلان للإجراءات التي اتخذتها الحكومة والمعلن عنها من طرف وزير التجارة لفرض الرقابة على الأسعار في الأسواق ومحاربة المضاربة وكسر الاحتكار في السوق. ودعا في نفس السياق الحكومة إلى القيام بدراسة مستفيضة لما حدث، بحثا عن رؤية استشرافية تسمح مستقبلا برصد الاضطرابات الشعبية ومعالجتها في الحين، ووجه رسالة إلى الفاعلين في الساحة الوطنية من أحزاب سياسية وتنظيمات المجتمع المدني يدعوهم فيها إلى التحلي باليقظة والعمل الميداني للتقرب من المواطنين وخاصة فئة الشباب. كما عبر رئيس حركة مجتمع السلم السيد أبو جرة سلطاني، أمس، بالوادي عن رفضه للتخريب والحرق والتكسير بعد الخسائر المادية التي وقعت إثر حركة الاحتجاج على غلاء بعض المواد الاستهلاكية التي مست عدة مدن من الوطن. وأكد السيد سلطاني في كلمة ألقاها خلال افتتاح أشغال ملتقى للهياكل على مستوى الولاية والذي يدوم إلى غاية 8 جانفي الجاري ''أن المطالب التي ينادي بها الناس على غرار العدالة الاجتماعية والشغل والاستقرار الاجتماعي هو أمر مشروع، لكن التخريب والحرق والتكسير هي أمور مرفوضة (...)''. وقال إن الدولة الجزائرية تقر بضرورة الذهاب نحو عدالة اجتماعية، لكن دون حرق أو تكسير، حيث دعا إلى الحوار مع كل فئات المجتمع باعتباره وسيلة لإزالة كافة التشنجات. وقال السيد أبو جرة إنه ''تم كسب الرهان الأمني في بلادنا لكن الناس باتوا يتلمسون تحسين الإطار المعيشي (...)''. وأشار رئيس حركة مجتمع السلم إلى ''أن الدولة الجزائرية كسبت رهان الهياكل القاعدية والبنى التحتية، لكن المواطن اليوم لا ينظر إلى هذه الهياكل بقدر اهتمامه بهمومه الصغيرة''. كما عبر عن رفضه لمن يستغل هذه الأزمة. مشيرا في الوقت نفسه إلى أن ''الجزائر تملك القدرة على إيجاد الحلول الشاملة،لا سيما من النواحي المادية والبشرية.'' وحول نفس الموضوع عقد المكتب السياسي لحزب العمال أمس ''اجتماعا استثنائيا''، حمّل خلاله المضاربين مسؤولية ما يحدث. وندد الحزب في بيان له ما أسماه ''المضاربة الإجرامية على الأسعار'' واعتبرها استفزازا سياسيا واجتماعيا، وتساءل عن الأغراض السياسية وراء هذه المضاربة. ودعا الحزب الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وملائمة مع هذه التطورات بهدف وضع حد للوضعية الحالية. واقترح حزب العمال اللجوء إلى التسقيف الفوري لأسعار السكر والزيت، وإعادة احتكار الدولة ولو بشكل مؤقت للتجارة الخارجية والداخلية، وإعادة فتح الأسواق الكبرى. وأكد الحزب أن غضب الشباب يجب احتواؤه وذلك باتخاذ إجراءات عملية من شأنها قطع الطريق أمام المغامرين بمستقبل الشباب. ومن جهتها نددت المنظمة الوطنية للشباب بعمليات التخريب التي طالت الممتلكات العامة والخاصة، ودعت الشباب إلى التعقل وتفويت الفرصة على المتربصين باستقرار الجزائر.