تجددت أعمال العنف والشغب ظهر أمس، مباشرة عقب صلاة الجمعة، رغم النصائح والنداءات والدعوة إلى التعقل التي تضمنتها خطب الجمعة عبر التراب الوطني·وشهدت العاصمة مباشرة عقب صلاة الجمعة، حركات احتجاجية عدة شملت أحياء ببلديات شرق وسط وغرب العاصمة، اندلعت في بداية الأمر من بعض أحياء بالحراش، ببوصيلة، درقانة، واكتفى المحتجون بقطع بعض الطرقات بإضرام النار في المتاريس والأشجار، وتجددت الاشتباكات مع رجال الشرطة وقوات التدخل السريع للدرك الوطني الذين كانوا متأهبين لمواجهة هذه الأعمال وإخمادها، وبتعزيزات أمنية أخرى ومراقبة جوية عن طريق المروحية·أما ببعض الأحياء الأخرى، فعرفت هذه الاحتجاجات منحنى خطيرا في مواجهات مع رجال الأمن وأعمال تخريب، تم التصدي لها بصعوبة على غرار براقي التي امتدت لعدة ساعات قبل تهدئة الأوضاع·فيما قام محتجون آخرون ببلدية الرغاية بإضرام النار في مصنع للشاحنات خلّف خسائر جسيمة، وتمكنت مصالح قوات مكافحة الشغب من توقيف ثلاثة أشخاص· وعرفت الأحداث في حي ففايزيف بدرقانة ببرج الكيفان منعطفا خطيرا، حيث أفادت مصادرنا أن ما لا يقل عن 800 شخص اجتاحوا الشوارع لمواجهة قوات الأمن، وتمكنوا من إلحاق أضرار كبيرة بإحدى الثانويات بعد إضرام النار فيها· ولاية تيبازة، هي الأخرى شهدت تجدد المواجاهات بين عناصر الأمن والمحتجين عقب قيام مجموعة من المراهقين بقطع الطريق السريع الرابط بين دواودة وتيبازة على مستوى بلدية فوكة بإضرام النار في العجلات المطاطية ووضع المتاريس أمام حركة السيارت، مما استدعى تدخل قوات مكافحة الشغب مدعومة بعناصر التدخل السريع وقامت بتفريق المتظاهرين وفتح الطريق أمام المارة· العاصمة تتحول إلى مدينة أشباح! خوف وحذر عاشته الجزائر العاصمة أمس، بسبب الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها عدة أحياء على خلفية ارتفاع فادح في أسعار المواد الأساسية، المحلات مغلقة، المواطنون متخوفون من تجدد الاحتجاجات العنيفة ولا حديث للمواطنين سوى عن الأحداث والأسعار المرتفعة·وأغلقت جميع المحلات في كبريات الشوارع بالعاصمة على غرار محلات ساحة أول ماي وشارع ديدوش مراد والعربي بن مهيدي وحسيبة بن بوعلي وغيرها من الشوارع، حيث تخوف التجار من تعرض محلاتهم للتخريب والنهب والسرقة·وأهم شيء ميز العاصمة يومي الخميس والجمعة، محلات مغلقة وحركة سير قليلة، فأغلب شوارع المدينة تبدو صامتة والدكاكين مغلقة، وحتى المطاعم ومحلات الخدمات أيضا على طول شوارع العاصمة، إلا البعض من المقاهي التي استطاعت أن تستقبل الزبائن ولكنها أنزلت نصف أبوابها خوفا من موجات الشباب الغاضب·اللافت للانتباه في مختلف أحياء العاصمة، تجمع المواطنين جماعات جماعات صغيرة على أرصفة الشوارع، عدد منهم يحمل الجرائد اليومية يطالعون فيها أخبار الاحتجاجات ومنهم من يعلق على ما وقع ليلة الأربعاء في باب الوادي وعدد من المناطق في الوطن، ومنهم من يتحدث عن معلومات جديدة وصلته عن طريق الهاتف النقال، وهناك من تهكم بالقول ''إنها ثورة الشبان المخدرين والسارقين''، وسبب قوله هذا أن الكثير من المحلات تعرضت للنهب والسرقة والتخريب·الاحتجاجات العنيفة التي انفجرت في عدة مدن جزائرية، بسبب ارتفاع أسعار السكر والزيت، أذهلت المواطن وجعلته ينسى كل همومه اليومية وحتى تناسى اهتماماته، حيث تعودنا على أن يكون يوم الخميس يوما ذا حركة كبيرة في شوارع العاصمة ولكن هذا الخميس كان غير سائر الأيام، فلا شيء يمكن اقتناؤه أو شراؤه فلم الخروج إذا من المنازل، وحتى طلبة الجامعات وتلاميذ الثانويات تخوفوا من الذهاب صبيحة يوم الخميس إلى مقاعد الدراسة، خصوصا وأن العاصمة تستقبل يوميا أكثر من 200 ألف طالب جامعي وعرضة لأن تحدث بها انزلاقات خطيرة·كما شهد البريد المركزي تعزيزا للأمن بأبوابه إلى غاية الساعة الخامسة مساء يوم أول أمس الخميس، غير أن هناك تعزيزات أمنية منقطعة النظير بجانبه تخوفا من تعرضه للنهب والسرقة، بالإضافة إلى مقر ''اتصالات الجزائر و''موبيليس'' اللتين شهدتا تعزيزات أمنية إضافية·وتشير بعض المصادر ل''البلاد'' إلى أن العديد من المؤسسات العمومية وخصوصا البنوك، تلقت تعليمات بإغلاق أبوابها على الساعة الثالثة وهو ما اتضح جليا في مراكز ومكاتب بعض المؤسسات المصرفية التي أغلقت أبوابها قبل الموعد المحدد وهو الرابعة· كما سارعت مصالح النظافة صباح يوم الجمعة إلى تنظيف الشوارع التي شهدت الاحتجاجات، مثل بلكور وساحة أول ماي وباب الوادي ورفع الأعمدة التي تم تحطيمها، خصوصا مخادع الهاتف وكذا المتاريس والألواح ومسح آثار العجلات المطاطية التي أحرقها المحتجون· من جانب آخر، كان تصريح وزير التجارة مصطفى بن بادة في نشرة الثامنة أول أمس عن إجراءات اتخذتها الوزارة مع المتعاملين الاقتصاديين لإعادة الأسعار إلى طبيعتها حديث العام والخاص يوم الجمعة، إذ استبشر المواطنون خيرا بتصريحه، من أجل معالجة الأوضاع ووضع حد للارتفاع الجنوني لأسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، وهو ما يعني أن المواطن يهتم كثيرا بكل كبيرة وصغيرة يمكن أن تطفئ النار، خصوصا المواطنين البسطاء وذوي الدخل الضعيف·وتحسبا لأي طارئ شددت السلطات من الإجراءات الأمنية صبيحة أمس الجمعة في عدد من الأحياء في العاصمة لمنع تجدد الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها العديد من الأحياء، حيث تم وضع شاحنات مكافحة الشغب أمام مقر وزارة الشباب والرياضة بساحة أول ماي والتي تعرضت واجهتها الزجاجية إلى التكسير والتحطيم، حيث عرفت تعزيزا أمنيا غير مسبوق· كما شهدت محطة الحافلات حركة سير قليلة بالنظر إلى تخوف المواطنين من المجازفة والتنقل من مكان إلى آخر في يوم يمكن أن يكون أكثر اشتعالا·ولوحظ نشر أعداد إضافية من قوات مكافحة الشغب في حي باب الوادي وساحة الشهداء وسط العاصمة، وعلى المحاور الرئيسية للعاصمة·