شرع عدد من التجار والصناعيين المتضررين من أعمال التخريب الأخيرة التي مست العديد من بلديات العاصمة، في إحصاء خسائرهم المادية وسط استنكار عام لأحداث الشغب والسطو، مؤكدين أن ما حصل لهم لا علاقة له بارتفاع أسعار المواد الغذائية بقدر ما له علاقة بشبكات إجرامية هدفها تشويه صورة الجزائر، بالمقابل سجلنا ارتياح المواطن للإجراءات الجديدة لوزارة التجارة الخاصة بتحديد أسعار منتجات واسعة الاستهلاك، واجماعهم على ضرورة الوقوف في صف واحد ضد كل من تسول له نفسه ضرب استقرار البلاد. وسمحت الجولة التفقدية التي قادتنا لعدد من بلديات العاصمة التي شهدت أعمال شغب خلال الأيام الأخيرة، بالوقوف على حجم الخسائر المادية التي لحقت بالعديد من الصناعيين التجار، حيث لا تزال آثار التخريب بادية للعيان خاصة ببلديات كل من براقي، باش جراح، القبة، باب الوادي والابيار، التي سجل بها حالات اعتداء على أملاك عمومية وخاصة دون استثناء، إلا أن المواطنين فضلوا في هذا اليوم المتزامن مع بداية الأسبوع، الخروج بشكل عاد لالتحاق بمناصب عملهم أو بمقاعد الدراسة، ليبقى حديث الشارع منحصرا في الإجراءات الجديدة لتحديد أسعار المنتجات الغذائية الواسعة الاستهلاك والاستنكار لأحداث التخريب والسطو التي سجلت بعدد من البلديات عبر محلات تمثل كبرى العلامات التجارية. استحسان الإجراءات واستهجان الشغب.. ويقول الحاج ''عمر'' متقاعد يقطن ببلدية باش جراح، أن ما حدث مؤخرا عبر إقليم البلدية لا يمت بصلة لانتفاضة الشارع لارتفاع الأسعار بقدر ما له علاقة بشبكات إجرامية، مرجعا ما حدث إلى غياب الوازع الديني والتربية بشكل عام، فلا يعقل أن يترك شباب في مقتبل العمر بدون مراقبة عائلية، مشيرا إلى تنقل العديد من العائلات إلى مراكز الشرطة للاستعلام على مصير أبنائهم القصر بعد إثبات مشاركتهم في عمليات السرقة، أما عن تخفيض تكلفة أسعار المنتجات الزيت والسكر ب 41 بالمائة، فقد أعرب المتحدث عن استحسانه لهذه الإجراءات بشرط عدم ربطها بأحداث الشغب. وبنفس البلدية أكدت لنا سيدة في مقتبل العمر، أن المتضرر الرئيسي من الأحداث الأخيرة التي عرفتها أحياء العاصمة هو المواطن البسيط، الذي لن يجد مكتبا بريديا لسحب أمواله ولا مستوصفا للاستفادة من الخدمات الصحية، حتى المؤسسات التربوية لم تسلم من النهب. من جهتهم، ينتظر تجار التجزئة بفارغ الصبر تحديد الأسعار النهائية لمنتجات الزيت والسكر وباقي المنتجات الغذائية الواسعة الاستهلاك، وهو ما أكده لنا ''مصطفى'' صاحب محل لبيع المنتجات الغذائية بالجزائر الوسطى، مشيرا إلى أن تجار التجزئة تحت رحمة تجار الجملة بشكل عام، فهم البورصة الحقيقية لتحديد سقف أسعار مختلف المنتجات الغذائية، فبين اليوم والآخر ترتفع الأسعار بشكل جنوني دون تدخل أي جهة، مما جعل تجار التجزئة يرفعون الأسعار أو العزوف عن تموين محلاتهم بهذه المنتجات، وهو ما يجعلهم يفقدون زبائنهم. وبالمحل، تجاذبنا أطراف الحديث مع أحد الزبائن الذي ابدى استغرابه من تذبذب أسعار السوق بشكل كبير للعديد من المنتجات الغذائية منها وحتى الصناعية، متسائلا عن الجهات التي تقف وراء خلق البلبلة وسط الشعب الجزائري من خلال الضغط على المنتجات الغذائية الواسعة الاستهلاك، مستدلا في حديثه بالتلاعب بالشباب وتشويه صورة الجزائر في الخارج، من خلال التعليقات التي رفعتها العديد من الجرائد العالمية والقنوات الفضائية حول الأحداث الأخيرة، والتي ربطتها بصفة مباشرة بالقدرة الشرائية للمواطن، في حين ما لمسه المواطن العادي أن الأحداث الأخيرة مفتعلة من طرف جهات خفية، أما بخصوص الإجراءات الأخيرة، أعرب المتحدث عن ارتياحه على أن يتم النظر مستقبلا في وضعية أسواق الجملة خاصة. خسائر بالملايين وعزم على مزاولة النشاط كما خرج الصناعيون والتجار المتضررون من أعمال التخريب أمس، للوقوف على حجم الخسائر وتباحث فرص إعادة بعث نشاطهم من جديد، وهو حال صاحب مؤسسة ''كونتينونتال'' لصناعة تجهيزات كهرومنزلية ببراقي السيد شيباني، الذي شارك عمال المؤسسة في رفع الردوم وتنظيف المصنع الذي خرب عن آخره مع سرقة كل البضاعة التى كانت بالمخازن، وهو ما رفع حجم الخسائر حسب التوقعات الأولى إلى أكثر من 60 مليار دج، وبعين المكان أكد صاحب المؤسسة مواصلة نشاطه وتنسيق الجهود مع العمال لإعادة بعث المؤسسة من جديد، مع الحرص على عدم قطع أرزاق عائلات عمال المصنع الذين يزيد عددهم عن 130 عائلة، حيث سيتم دفع أجرتهم الشهرية بشكل عاد إلى غاية ترميم وتصليح كل ما تم تخريبه.وحسب تصريحات عمال المؤسسة الذين تجندوا منذ بداية الأسبوع لتنظيف مكان عملهم، فإن عملية السطو على المصنع لا علاقة لها بارتفاع أسعار الزيت والسكر، مشيرين إلى حجم التخريب الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة في المصنع، حتى سلسلة الإنتاج لم تسلم من الكسر وهو ما يعرقل عملية إعادة بعث النشاط لسنة كاملة حسب احد التقنيين، وبعين المكان كان الحاجز الأمني المنصب من طرف أعوان الدرك الوطني، بمثابة حصن الأمان لعمال المؤسسة، الذين لم يخفوا تخوفهم من محاولة اقتحام جديدة للمصنع، وفي هذا الإطار أكد السيد شيباني انه يدعو السلطات المحلية إلى وضع نقطة أمنية للمراقبة الدائمة عند مدخل المصنع، الذي تعرض لأكثر من مرة إلى أعمال سرقة بالنظر إلى نوعية نشاطه ، مستدلا في حديثه بالمداخيل الجبائية السنوية التي توفرها للسلطات المحلية. مشيرا إلى أن الوالي المنتدب لبراقي يرفض استقباله للحديث عن انشغالاته الأمنية، كما يرفض المتحدث فكرة تغيير مكان نشاطه أو حتى توقيفه. وببلدية باش جراح، قررت مؤسسة ''بريد الجزائر'' غلق المكتب البريدي الذي تعرض للتخريب والسرقة، في حين عاد تجار الأرصفة إلى مواقعهم القديمة بشكل عاد، وفي انتظار أن تحصي مؤسسة بريد الجزائر خسائرها التي تقدر بالملايين، باشر التجار المتضررون من أعمال التخريب بكل من القبة والابيار تنظيف محلاتهم، وتحديد كمية وقيمة الخسائر التي تكبدوها، وذلك بحضور رجال الأمن الذين فتحوا تحقيقات واخذوا عينات من البصمات لتحديد هوية المتواطئين في عمليات السرقة. كما باشرت مختلف مصالح الأمن توقيف المتورطين في أحداث الاعتداء والسرقة، مستندين في ذلك للصور ومقاطع الفيديو التي أخذها المواطنون الذين تقربوا بمحض إرادتهم من مصالح الأمن لمساعدتها في إنهاء تحقيقاتها، بالإضافة إلى كاميرات المراقبة التي نصبت في الفترة الأخيرة عبر عدد من شوارع العاصمة.