أوصى الخبراء الاجتماعيون وممثلو الطبقة السياسية، أمس، بالجزائر العاصمة على ضرورة إرساء قنوات حوار واتصال دائمة مع شريحة الشباب لإقناعهم بالمشاركة في الحياة السياسية والحزبية وتمكينهم من المساهمة في معركة البناء الوطني وصنع القرار. وأكد رئيس المجموعة البرلمانية للجبهة الوطنية الجزائرية السيد عبد القادر دريهم في كلمة ألقاها خلال اليوم البرلماني الذي احتضنه المجلس الشعبي الوطني حول ''الحوار الشباني من أجل تفعيل مشاركته في الحياة السياسية''، على أهمية إتاحة الفرصة للشباب للمشاركة السياسية بمختلف صورها باعتبار التشجيع على دخول المعترك الحزبي والمساهمة في اتخاذ القرارات من أهم مؤشرات الديمقراطية. ودعا السيد دريهم إلى ضرورة إعادة العلاقة والتواصل بين الطبقة السياسية وشريحة الشباب بشكل يسمح بإرجاع الثقة إلى هؤلاء ومرافقتهم في مسيرة تبوأ المراكز السياسية والقيادية في البلاد، مشيرا إلى وجوب اضطلاع الأحزاب والسلطات العمومية بمسؤولية فتح الأبواب لرصد انشغالات الشباب وتقديم المقترحات والحلول المعقولة الكفيلة بتجنيبهم اللجوء إلى العنف والانحراف والتفكير في الهجرة غير الشرعية. وقال عبد القادر بن دريهم ''إن هدف الجبهة الوطنية الجزائرية في إطار سياسة الاهتمام بفئة الشباب هو السعي لجعل الشاب الجزائري يتولى زمام أموره بنفسه بإدماجه في الحياة السياسية مع تشجيعه على التمسك باتخاذ القرار السياسي بمفرده''. وذكر المتحدث بفترة السبعينيات التي شهدت حراكا شبانيا هاما على جميع الأصعدة، لاسيما من خلال مساهمة شباب الخدمة الوطنية في إنجاز السد الأخضر وبناء القرى الاشتراكية والطريق العابر للصحراء، بالإضافة إلى الحملات التطوعية الخاصة بعمليات التشجير وغيرها، متسائلا في السياق عن سبب عزوف شباب اليوم عن المشاركة السياسية وتفضيله الهروب والانفصال عن الحياة السياسية والحزبية. كما أشار إلى الدور الكبير الذي لعبه شباب الفاتح نوفمبر الذين استطاعوا تفجير الثورة المسلحة رغم صغر سنهم أمثال رابح بيطاط وديدوش مراد والعربي بن مهيدي ومصطفى بن بولعيد ومحمد بوضياف وكريم بلقاسم وغيرهم. مضيفا أن شباب الثورة تمكن من تقلد العديد من المناصب السياسة الهامة في الدولة بفضل تشبعهم من النشاط السياسي المبكر. وبدوره، دعا الدكتور محمد خوجة في مداخلته إلى ضرورة توفير المناخ السياسي والاجتماعي الملائم للشباب قصد تأكيد ذاته ولعب دوره على أكمل وجه في معادلة الأداء السياسي والحزبي، مشددا في السياق على ضرورة قيام السلطات العمومية والمؤسسات الرسمية على فتح المجال الإعلامي والسياسي أكثر على هذه الفئة وجعلها تعبر عن أرائها وتطلعاتها بكل حرية. وألح السيد خوجة على وجوب إشراك الجماعات المحلية لفئة الشباب في مختلف برامجها التنموية المحلية والجهوية وإطلاعهم على فرص التكوين والتشغيل للتخفيف من حدة عزوفهم عن المجال السياسي والاجتماعي. ومن جهة أخرى، قدم الدكتور عبد العالي رزاقي أستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام مداخلة بعنوان ''جيل ما بعد السياسة''، تطرق خلالها إلى أهمية دفع الشباب إلى الحوار من أجل الاندماج في الحياة السياسية من خلال التشجيع على خوض غمار الحياة السياسية واهتمام السلطات العمومية بالكفاءات والعنصر البشري وثقافة المواطنة، إلى جانب العناية أكثر بالإعلام من خلال تعزيز حرية التعبير وقبول الرأي الآخر في ظل التعددية الحزبية. وقال السيد رزاقي إن اندماج الشباب في الحياة السياسية يقتضي بالأساس فتح فضاءات للشباب للتحاور فيما بينهم إلى جانب ضمان التأطير الحزبي الفعال للمشاريع الشبانية، إضافة إلى وضع آليات جديدة تدفع الشباب لتحمل مسؤولياته بصفة كاملة. وعرفت أشغال هذا اليوم البرلماني الذي نظمته المجموعة البرلمانية للجبهة الوطنية الجزائرية فتح الحوار للعديد من الشباب الذين عبروا عن رأيهم وتطلعاتهم من الأحزاب السياسية الحالية ومدى قدرتها على الاستجابة لطموحاتهم.