دعا رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح أمس إلى إقحام المرأة في العمل السياسي وإشراكها في صنع القرار في الجزائر باعتبارها تمثل نصف المجتمع الذي لا يمكن تجاهله، واستبعد إمكانية إرساء دولة القانون وبناء ديمقراطية تعددية دون إشراك المرأة في الحياة السياسية، مبرزا أهمية التعديل الدستوري الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا وصادق عليه البرلمان بغرفتيه في ترقية الحقوق السياسية للمرأة للجزائرية. أكد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح في افتتاحه أشغال منتدى النساء السياسيات العربيات أن تحقيق التقدم المنشود في المجتمعات العربية يستدعي اتساع دائرة المشاركة السياسية لكل المواطنات والمواطنين دون تفرقة أو تمييز، معربا عن اعتقاده بأن المجتمعات العربية لا يمكن أن تحقق التنمية المتوازنة إلا بالقضاء على التفاوت القائم بين الرجل والمرأة. واعتبر رئيس مجلس الأمة مشاركة المرأة في الحياة السياسية ضرورة ملحة يفرضها واقع التطور وتحتمها الحاجة في الدعم والحفاظ على مصداقية النهج الديمقراطي الذي تسعى الدول إلى تحقيقه خاصة وان هذا التوجه أصبح حقيقة وبالوقت ذاته انشغالا عالميا يتصدر رزنامة نشاطات المجموعة الدولية وخاصة خلال العشريتين الأخيرتين، مشيدا في الوقت نفسه بالجهود المضنية التي ما فتئت تبذلها المرأة في مختلف مناطق العالم والتي مكنتها من اكتساب العديد من الحقوق من بينها الحق في المواطنة وفي أن تنتخب وكذا الحق في أن تتعلم على قدم المساواة مع الرجل. ومن وجهة نظر بن صالح فأنه أصبح من غير الممكن تعزيز دولة القانون أو تحقيق أي تقدم على صعيد إرساء قواعد الممارسة الديمقراطية في مجتمعاتنا بعيدا عن مشاركة نصف المجتمع الذي تمثله المرأة من خلال مشاركتها في التنمية وممارستها بالرأي في مراكز اتخاذ القرار. و أوضح في ذات الوقت بان الإقصاء والتهميش لا يلتقيان مع الديمقراطية والتطور، مشيرا إلى أن كل الجهود التي بذلت للدفاع عن حقوق المرأة قد تكرست ضمن المواثيق الدولية والإقليمية وفي الدساتير والتشريعات الوطنية في عدد من الدول العربية كانت الجزائر واحدة منها، مذكرا بالتعديل الدستوري الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وصادق عليه البرلمان بغرفتيه مؤخرا، والذي جاء ليؤكد ويدعم بوضوح تام مبدأ ترقية الحقوق السياسية للمرأة للجزائرية اعترافا منه بدورها إبان الثورة التحريرية وبمساهمتها في مسيرة التشييد الوطني وكذا بوقوفها الشجاع ضد الإرهاب أثناء المأساة الوطنية الأليمة التي ابتليت بها الجزائر. واعتبر بن صالح التعديل الدستوري هو تتويج لنضالات المرأة الجزائرية عبر العصور، مذكرا بان رئيس الجمهورية كان في كل المناسبات يحث باستمرار" الفاعلين السياسيين في البلاد للعمل على توعية المجتمع وتشجيع الأحزاب السياسية على ترشيح النساء في القوائم الانتخابية وتمكينهم من المشاركة في اتخاذ القرار ضمن الهيئات المنتخبة محليا ووطنيا . وأشار المتحدث في سياق ذي صلة إلى أن المشاركة الفعالة للمرأة في الحياة السياسية ودخولها إلى مراكز اتخاذ القرار هي مسالة تستوقف كل المجتمع و خاصة الحكام وتدعوهم لإشراك المرأة في الحقل السياسي و احترام القوانين الوطنية والدولية، معربا عن أمله في أن يكون هذا المنتدى الذي نظمه مجلس الأمة بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة للتنمية، فرصة لتعميق التفكير والنقاش حول أهمية المشاركة السياسية للمرأة العربية للتوصل إلى معرفة واقع هذه المساهمة ومن ثم استشراف المستقبل. كما وجه بن صالح إلى المرأة الفلسطينية في اختتام كلمته "تحية تقدير وإعجاب لا محدود على كل ما صنعته وما قدمته من تضحيات، وتجدر الإشارة إلى أن المنتدى يختتم اليوم أشغاله، ومن المنتظر أن يخرج المشاركون بجملة من التوصيات حول إشراك المرأة في الحياة السياسية. من جهته اعتبر ممثل الإتحاد البرلماني الدولي مارتين شونغونغ أن مشاركة المرأة في السياسة تعد أحد الانشغالات البالغة الأهمية بالنسبة للعديد من الدول، مضيفا أن ترقية هذه المشاركة "أضحت اليوم ضرورة بل أولوية من أجل ضمان تسيير سياسي متوازن يدرك متطلبات ومصالح جميع فئات المجتمع، مشيرا إلى أن المرأة ممثلة بنسبة 9 بالمائة على مستوى البرلمانات فقط في العالم العربي، واصفا هذه المشاركة ب "الضئيلة"، مضيفا أنه وبالرغم من أن هذه النسبة تعد تقدما بالنسبة للسنوات الأخيرة إلا أنها تبقى غير كافية". وقال في السياق ذاته انه يتضح اليوم أن "الوضع يعرف في العديد من الدول تغيرا وتطورا" على غرار الجزائر، معربا عن ارتياحه للمراجعة الدستورية الأخيرة المتضمنة تعديلا يتعلق بترقية المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية. أما ممثلة برنامج الأممالمتحدة للتنمية بالجزائر ايشاني ميداغانغودا-لابي، أكدت أن المساواة بين حقوق المرأة والرجل في المجال السياسي والحياة العامة تضمنه المادة (7) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والتي صادقت عليها الجزائر سنة 1996.