يبدو أن الولاياتالمتحدة لا تشاطر نفس التصور الفرنسي في مجال مكافحة الجماعات الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التي تنشط في بلدان الساحل حسبما أكده، أمس الإثنين، بالجزائر الأستاذ يحيى زبير الباحث الجيوسياسي باوروميد للتسيير (مرسيليا). وأوضح الأستاذ زبير مدير بشأن الوضعية الأمنية في بلدان الساحل والمقاربات المروج لها في المنطقة من أجل الحد من ظاهرة الإرهاب بأن تصور الولاياتالمتحدة يبدو ''متطابقا'' مع التصور الجزائري المتمثل في أن ''التواجد العسكري الأجنبي في المنطقة يخشى أن يعطي في نظر السكان المحليين شرعية لأعمال تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ضد المصالح الغربية في المنطقة''. كما أشار إلى أن الولاياتالمتحدة التي تعترف بزعامة الجزائر بين دول الساحل قد فهمت انطلاقا من تجربتها في كل من أفغانستان والعراق أن التواجد العسكري الجلي في بلدان الساحل ''لن يزيد الوضع إلا سوءا وتأجيجا لحقد السكان المحليين تجاه القوات الأجنبية مهما كان السبب الذي يقدم لتبرير تواجدها''. أما الموقف الفرنسي الذي يقوم -حسب المتحدث- على فكرة التدخل العسكري المباشر فهو ''جد متسرع وقد مني بإخفاقين متتاليين''. كما أن هذا التواجد العسكري ''قد يؤدي إلى تكريس صورة استعمار جديد'' من شأنه -كما قال- أن يغذي الأسس الإيديولوجية لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مما يفسر عمليات تجنيد عناصر محلية من قبل هذا التنظيم وهو المسعى الذي بدأ ''يعرف مؤخرا تسارعا كبيرا''. وأوضح المتحدث أنه إذا كانت الولاياتالمتحدة تدعم بشكل قوي المقترح الجزائري لتجريم دفع الفدية فإن بعض مسؤولي المنطقة يجدون أنفسهم ''متناقضين مع إرادة العديد من أعضاء الأممالمتحدة حول هذه المسألة''. كما أن هذا التناقض واضح من خلال الخطاب الرائج في المنطقة الذي يفضل المكافحة الميدانية من أجل إضعاف الجماعات المسلحة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ودفع الفدية التي تسمح لنفس هذه الجماعات بالتسلح وتنظيم شبكات دعم ومساندة من بين السكان المحليين. وأشار الأستاذ زبير إلى أن ''أموال الفدية لا تستعمل لشراء الأسلحة فقط بل حتى لكسب وفاء سكان المنطقة الفقراء إلى جانب بعض المسؤولين المحليين''. ويبدو أن الجزائر -يؤكد الخبير- تريد من مقاربتها في مكافحة جماعات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي ''إبراز تنسيق بين جيوش ومصالح أمن بلدان الساحل''، إضافة إلى ''الجهود الرامية إلى تطوير بعض المناطق الهشة في الساحل''. وأضاف الأستاذ زبير أن ''استخدام الخيارين هو الحل الوحيد الكفيل بتقليص نفوذ تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي في بلدان الساحل''، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي قد أشار مؤخرا إلى تفضيله هذه المقاربة. واستطرد يقول إن ''بعض البلدان المنتمية إلى هذا التحالف في مكافحة الإرهاب في المنطقة لم تلتزم'' بتنفيذ توصيات الاجتماع الذي ضم قادة أركان جيوش دول الساحل بتمنراست. وتساءل الأستاذ زبير حول ''إمكانية وجود تداخل قد عرقل تجسيد هذا المسعى'' معربا عن ''انشغاله'' إزاء ''سلوك بعض مسؤولي'' دول المنطقة الذين أعطوا موافقتهم بخصوص تدخل عسكري فرنسي في المنطقة ''دون التفكير في الانعكاسات المترتبة عن هذا القرار''. وأشار إلى أن ''غياب مقاربة إقليمية تشاورية سيؤدي عاجلا أم آجلا إلى تدخلات عسكرية أجنبية مما قد يقوي موقف تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي''.